جمال علي حسن

انتقادات دكتور فيصل وشماعة.. الصحافة المحلية

شكوى حزب المؤتمر الوطني من ضعف سداد عضويته للاشتراكات قد تعبر عن (زنقة) مالية يواجهها الحزب الحاكم جعلته (يقلِّب) دفاتر الاشتراكات ويتجه لفرض اشتراكات أكبر على المسؤولين والميسورين والقيادات من عضويته..
وقد يحسب البعض هذه الزنقة المالية والشكوى للحزب في ميزان حسناته ونزاهته ويعتبرونها دليلاً على أن الحزب الحاكم لا يمد يده على خزانة الدولة التي يحمل مفتاحها.
لكنه مجرد ظن حسن من البعض في ظل واقع من الصعب جداً تسويق الظنون الحسنة فيه، فببساطة قد يعتبر آخرون أن الحزب الحاكم لم يتحدث بهذه اللغة.. لغة (العصرة) إلا في ظل ظروف اقتصادية صعبة لم تعد فيها الدولة نفسها قادرة على دعم برامج حزبها.
لذلك لو كان التصريح الذي صدر عن رئيس القطاع التنظيمي بالمؤتمر الوطني د. فيصل حسن في جزئية الاشتراكات مقصودا به الدفع بدليل براءة من الفساد ودليل نزاهة تنظيمية للحزب الحاكم بأنه يعتمد على نفسه وعلى تمويله الذاتي فإن التصريح لا يحقق هذا الهدف وسط هذه الظنون..
وحديث دكتور فيصل في جزء آخر منه يشير لنوع من الخلل والفشل الداخلي قد لا يكون الآخرون على علم ومعرفة به قبل هذا التصريح الذي يعني أن حزب المؤتمر الوطني بعد كل هذه السنوات وبعد كل هذا الحظ الوافر والفرصة الكبيرة التي وجدها لتمكين وبناء نفسه تنظيمياً يقر هو بنفسه اليوم أنه غير قادر على استقطاب الشباب وغير قادر على تفعيل انتماء عضويته له والتزاماتهم، وتحصيل اشتراكات العضوية..!
وإذا كان تصريح دكتور فيصل يأتي في إطار الشفافية الداخلية والنقد الذاتي والمراجعة والتصحيح والتطوير وهو يقدم اعترافات بالفشل في مجال الاستقطاب والخلل في طريقة عمل الحزب ففي هذه الحالة نطرح عليه سؤالاً مشروعاً هو: ما دخل الصحافة المحلية حتى تجعلها شماعة لفشلك أو شماعة لخللك الداخلي..؟
أم أن الصحافة المحلية هذه هي (الحيطة القصيرة) فلو فشلت المعارضة في ثورتها وانتفاضتها المزعومة ترمي بفشلها على شماعة الصحافة المحلية التي تتهمها بأنها صحافة مرتزقة وجبانة ومجرد أداة تنظيمية لحزب المؤتمر الوطني.
ولو أراد أحد القيادات في حزب المؤتمر الوطني أن يتحدث عن فشل تنظيمي داخلي يواجهه الحزب الحاكم وعن عدم قدرة الحزب على استقطاب الشباب وعدم قدرته حتى على تحصيل اشتراكات عضويته تجده يبدأ بلعن الصحافة ويختم بتكرار اللعنات على هذه الصحافة المحلية، المتهمة من جميع الأطراف في حين أنها برغم ما بها من علل ونواقص ومشاكل لكنها ظلت تقدم أدواراً وطنية وسياسية أكثر فعالية وتأثيراً من الدور الذي تقدمه مكونات الساحة السياسية نفسها في قضايا السلام والوفاق والتقارب السياسي والتعبير عن قضايا الشارع ومعاناة المواطنين.
لتواجه المعارضة مشاكلها الخاصة بها وتواجه أمراضها وعللها الخلقية بواقعية وصدق مع النفس بعيداً عن شماعة (صحافة الخرطوم) أو كما تسميها صحافة النظام.. حتى تتمكن من تخفيف حالتها. وليواجه الحزب الحاكم مشاكله التنظيمية وعلله الداخلية وليبحث عن الأسباب التي جعلت الحزب محتقناً على المستوى التنظيمي الداخلي بسبب المفارقات الكبيرة في وضعية القيادات وشروط ومعايير التصعيد الداخلي وعزوف الكثير من أبناء التنظيم الحقيقيين عن العمل التنظيمي وتركه لمجموعات بعضهم من الانتهازيين والمتسلقين الذين وجدوا (الدار خلا) والطريق أمامهم سالكاً.. لا دخل للصحافة المحلية في هذا.
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.