أحمد بلال وحلايب.. إفادات بحسب الطقس والمزاج
مؤخراً التزم جميع المسؤولين السودانيين الذين زاروا القاهرة وتواجهوا بذلك السؤال (الاستدراجي) الذي يوجهه لهم الإعلام المصري على طبق من الابتسامات الحميمة، التزموا بتأكيد سودانية حلايب وشلاتين مهما يكن الموقف الذي هم فيه حساساً أو يستدعي نوعاً من المجاملة، وليس أدل على هذا الالتزام من موقف بروف غندور وهو يتحدث للإعلام بجوار وزير خارجية مصر سامح شكري في مؤتمر صحفي جمع بينهما في القاهرة مطلع يناير الماضي لم يتردد فيه غندور من تأكيد سودانية حلايب في عقر دار الخارجية المصرية وأمام مايكرفونات تامة ولامة لا ينقصها سوى مايكرفون الجزيرة الذي يعكر مزاج سامح شكري، لكن غندور كان قد قال ما يجب أن يقال وسرد في دقائق قليلة ملخصاً تاريخياً لمن لا يعرف تاريخ النزاع وخلفيات موقف السودان منذ البداية .
وكذلك الرئيس البشير الذي تجمعه أطيب العلاقات مع الرئيس المصري عبد الفتاح السياسي، لكنه ظل يؤكد في كل مرة على عدم تنازل السودان عن حلايب وشلاتين.. التأكيد على الحقوق لا يجب أن يغضب أحداً، كما أن مثل هذه المواقف لا تحتمل التصريحات الهوائية المتأثرة بأجواء المكان والزمان.. هي مواقف ثابتة يجب تأكيدها في أي موضع يتم إثارة الموضوع فيه بهدف مهني خالص مثل هدف الزميلة العزيزة صباح موسى في حوارها مع أحمد بلال في القاهرة أو هدف استدراجي لتفعيل مناخ المجاملة وتوريط المسؤولين السودانيين في إجابات (نص كم) مثل الذي يحدث مع بعضهم في زياراتهم الى القاهرة .
أحمد بلال تحدث حديثاً طيباً عن مسؤولية الإعلام وعن انتباه وزارة الإعلام في السودان أو مصر لعدم ترك الإعلاميين يخربون علاقات البلدين.. ولا مانع ..
هذا أمر مطلوب لكن كان على الوزير حين سألته صباح: (هل لديكم تصور لوقف هذا التلاسن المتبادل بين الإعلام في مصر والسودان؟) أن يراجع معها المصطلحات المستخدمة في السؤال أولاً قبل الإجابة.. لأنه وزير إعلام ومن المفترض أنه المسؤول الأكثر معرفة بحساسية ومعاني المصطلحات فعبارة (تلاسن متبادل) تساوي بين الطرفين في الإدانة وهذا غير صحيح وغير عادل .
الإعلام السوداني ظل لسانه يعف عن مجاراة تلك اللغة التي يتحدث بها معظم من يقودون حملات الإساءة والاستفزاز للشعب السوداني ولقياداته ولتاريخه .
كان على وزيرنا أن يتحفظ على العبارة ولا يمررها بإقرار تام بها وهو يجيب بالموافقة على وجود تلاسن متبادل .
ثانياً كان عليه أن يتحدث باللغة الواضحة في موضوع حلايب وشلاتين، لغة التأكيد على الحقوق وليست تلك اللغة الهشة التي تحدث بها لغة (الناس غرقت في شبر حلايب وشلاتين)..
ثبت حقك أولاً يا سعادة وزير الإعلام.. ثبته بكلمة أو بإشارة أو بمفردة تنسجم مع الموقف الرسمي الذي يلتزم بعدم تمييع الردود عن مثل هذا السؤال تحديداً ثم بعد ذلك قل كلامك الذي يحث مصر على الموافقة بخيارات التفاوض والحل.. ولن يختلف معك أحد في الحرص على علاقات الجيران .
لا أحد يطالبك كوزير إعلام بإعلان الحرب من القاهرة على القاهرة بسبب حلايب وشلاتين.. ولا أحد يطالبك بتصعيد الموقف أو تطويره.. المطلوب فقط حين تأتي هذه السيرة أن تؤكد على الموقف الرسمي المعلن ثم بعد ذلك هناك مليون طريقة يمكن أن تتفادى بها (زعل الحبيب..)
وفي مثل هذه الملفات هناك كثير من المثقفين يحبون دائماً لعب دور الحكيم والعاقل.. أو الشخص (الأفهم) والأعقل من المنفعلين أمثالنا.. هذه هواية يحب بعضهم ممارستها كي يسمى بالقواميس (عاقل).. مارسوا هواياتكم هذه لكن بوعي ودقة، فمثل هذه القضايا يلعب تراكم تأكيد الحق فيها دوراً كبيراً في استرداد هذا الحق فلا تستهلكو رصيدنا التراكمي في المطالبة بحقوقنا وبإلحاح.
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين