جمال علي حسن

كهرباء رمضان وشعار.. ما في حلاوة من غير نار

بصراحة أصبحنا نتخوف كثيراً من بشارات الحكومة بخصوص استقرار الخدمات، كهرباء، مياه، صحة، تعليم، طرق أو أية بشارات أخرى.. لأنه ما إن تحقننا الحكومة بيدها اليمنى بجرعة البشارة بخدمات مستقرة أو معالجة لمشكلة كانت مستعصية إلا وتأتي هذه الحكومة من ركن تنفيذي آخر وعبر عباقرة استثمار أجواء البشارات الجميلة بوضع دمغتها وترك بصمتها على جيوبنا بخصوص نفس الملف الذي بشرتنا به أمس.
وقد سبق أن كتبت كلاماً قريباً من هذا المعنى قبل عدة أشهر بعد بشريات التبرع الإماراتي لحل مشكلة المياه في الولاية وتكفل دولة الإمارات العربية المتحدة بتشييد محطتين لإنتاج 600 ألف متر مكعب يومياً لفك اختناقات كبيرة في خدمة مياه الشرب التي تعاني منها ولاية الخرطوم فبدأت دوائر الاختصاص في المياه تحدثنا في تلك اللحظات بالذات عن الأرقام التي نستهلكها وعن كلفة إنتاج المياه بالمقارنة مع قيمة الفاتورة التي يسددها المواطن مقابل استهلاكه للمياه، وكان ذلك تمهيداً لصعق المواطن بزيادة فاتورة المياه تحت شعار غير معلن هو (مافي حلاوة من غير نار).
وتحت هذا الشعار نفسه نزلت على رؤوس المواطنين مجموعة كبيرة من نيازك الزيادات في الكثير من الخدمات التي لا تتحدث الحكومة عن فواتيرنا فيها إلا بعد أن تنجح في (تغطية قدحها) بالوعد بتقديم خدمات (مستورة) ولو مؤقتاً.
وتحت هذا الشعار يتحدث أول أمس وزير الكهرباء أمام البرلمان وهو يؤكد التزام وزارته بتوجيهات الرئيس البشير بتقديم إمداد كهربائي مستقر خلال شهر رمضان دون أي قطوعات..
الوزير التزم بتنفيذ توجيه الرئيس لكنه لم ينس شعار (مافي حلاوة من غير نار) فاستثمر فرصة تأكيده على تنفيذ البشارة المعلنة تلك وهو يقوم بتسخين ملف زيادة فاتورة الكهرباء ويقول في بيانه أمام البرلمان إن استمرار التعرفة الحالية للكهرباء في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج وتكلفة قطع الغيار والوقود يؤدي لإضعاف القدرة التشغيلية..
ألم أقل لكم إن بشارات الحكومة حتى ولو خرجت بحسن نية مثل بشارة كهرباء رمضان فإن تلك البشارة حين تتحول إلى مرحلة التنفيذ يقوم آخرون (بفلفلتها) واستثمارها بأية صورة حتى لا تصل للمواطن بدون عمولة معنوية ومادية يتحملها مباشرة أو يفهم أنه سيتحملها في القريب العاجل.
ومعتز موسى الذي كان الكثيرون قد استبشروا بقدومه ومدحوه لم يسبق أن كرر مسؤول كهرباء في السودان إلحاحه على زيادة الفاتورة مثلما يلح معتز موسى على هذه الزيادة ويهدد بها منذ شهور.. (حالتو بقى وزير كهربا بعد سد مروي) أي من المفترض أنه جاء في مرحلة ما بعد البشارة الأكبر بشارة (السد) الذي نظمت فيه الحكومة قصائد (الوعد الجميل) و(الحلم المنتظر) و(الشوق والريد).. ولم نكن نتوقع أن نغني عليه وعلى إنتاجه من الكهرباء أغنية (الحزن النبيل..) وغناوي الحسرة والأسف الطويل.
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.