الأزمة المقيمة
{ أكبر فشل لولاية الخرطوم أن يبلغ سعر برميل الماء في الأحياء الشعبية عشرة جنيهات والنيل على بعد خطوات.. والآبار الجوفية رغم عدم صلاحية مياهها لشرب الإنسان بسبب اختلاطها بمياه الصرف الصحي هي الأخرى عاجزة عن توفير حتى الماء غير النقي، وأمس أعلنت وزارة البنى التحتية بولاية الخرطوم عن معالجة قضية نقص المياه خلال(72) ساعة فقط.. ذلك ما قاله الوزير الجديد “جيب الله بابكر” بدخول محطة مياه الشجرة الجديدة الخدمة وحسب الوزير فإن هذه المحطة من شأنها حل مشكلات نقص المياه في المناطق الواقعة جنوب الخرطوم واعترف الوزير الوالي بالدعم المالي الكبير الذي حصلت عليه الولاية من قبل المالية الاتحادية لحل مشكلة المياه.. ولكن الوزير آثر الصمت عن تفاصيل المبالغ المليارية التي صدقت بها الحكومة المركزية ظناً منها أن هناك إرادة وإدارة للمياه تستطيع حل مشكلات العطش الذي تعاني منه الخرطوم ولكن كيف تم التصرف في المبلغ الملياري الكبير.. وهل تحسنت خدمات المياه أم زادت سوءاً ليأتي الوزير ويتحدث عن(72) ساعة فقط لحل مشكلة يمتد عمرها لأكثر من ثلاثين عاماً أي منذ أن اختار نصف السودان الرحيل للعاصمة القومية إما بحثاً عن فرص عمل أو هروباً من الجفاف والقحط والحروب والانفلات الأمني.. وظلت عبقرية إدارة مياه المدن يسكنها الفشل المزري والحكومة المركزية تتحدث عن خطة أطلق عليها (زيرو عطش) بادعاء أن الأموال التي حصلت عليها من المملكة العربية السعودية سيتم توظيفها للقضاء على مشكلة العطش في السودان وليس ولاية الخرطوم.. وإذا كانت الحكومة عاجزة عن توفير مياه الشرب لسكان مقرن النيلين فهي أكثر عجزاً عن توفير جرعة الماء لسكان نيالا وعد الفرسان وأم بادر وسنكات، وفي ولاية الخرطوم تم إعفاء مدير عام المياه في عهد الوالي السابق د.”عبد الرحمن الخضر” بعد أن مكث المدير في منصبه أكثر من(10) سنوات وفي كل عام تدهور خدمات المياه وتفشل إدارته في معالجة الأزمة المقيمة.. وذلك بحجة أن ذلك المدير قد فشل في مهمته وتم تعيين مدير جديد قيل إنه من أهل التخصص وليس الولاء.. والآن يتم إعادة المدير القديم في ثوب جديد لأسباب غير منطقية فإذا كان القرار الأول بإقالته استند على فشله في حل مشكلة المياه.. فكيف يتم إعادة ذات المدير دون الاعتذار لسيادته بأن الإعفاء السابق كان خطأ كبيراً أو الإعفاء كان صائباً ولكن يأتي التعيين الجديد إنفاذاً لرغبات مراكز القوى التي تتبنى بعض الموظفين في الدولة وتجعلهم من الثوابت التي لا يحق المساس بها.. وإلا فكيف يبقى مدير المياه في منصبه لمدة(10) سنوات وحينما يذهب بسبب فشله تتم إعادته مرة أخرى.. والسيد الوزير لا يلتفت يمنة أو يسرى ويطلق تصريحه القائل بأن وزارته بصدد حل مشكلة المياه في ولاية الخرطوم في غضون(72) ساعة.. ربما جعل السيد “جيب الله” من كبير المراغنة ومساعد الرئيس “محمد الحسن الميرغني” قدوته وهو يقول إن مشاكل السودان يستطيع حلها في(180) يوماً انقضت الآن ولم يحل مشكلة واحدة.. بينما وزير البنى التحتية انقضت الآن(48) ساعة من أقواله ولا تزال العاصمة عطشى.