حالة حظر تنموية
وكأني بوزير التعليم بولاية الخرطوم تمأزق إذ وجه أمس إدارات المدارس والأُسر بحظر استخدام الهواتف الذكية داخل المدراس خاصة تلك المزودة بتقنيات (واتس اب وفيس بوك)، ومأزق الوزير ليس من فعل يديه الكريمتين أو لسانه العفيف الدقيق، بل من فعل (رواة الأخبار) من لدنا، إذ ورد الخبر في كثير من صحف أمس بما يشي أن قرار الحظر صدر تواً، وأن الوزارة قبل أمس كانت تسمح للطلاب بذلك وحاشا أن تفعل التربية ذلك.
بحكم علاقتي الوثيقة بالمدارس ومعرفتي بمناهجها وأنظمتها، فإنني أعلم جيداً أن استخدام الهواتف الجوالة، متقدمة التقنية كانت أم مُتخلفة من طراز (تلاتين عشرة أو ربيكا) محظور منذ أن عرف السودان الغزو الهاتفي الجائل، وأن المدارس ملتزمة بصرامة بهذا الحظر أكثر مما هي ملتزمة بتطوير أداء المعملين وترقيتهم وتدريبهم، لذلك فإن أي كلام عن الحظر يعد انصرافياً ولا قيمة له، فكان من الأجدى أن يُحدثنا الوزير عن خطة لتطوير المناهج وترشيقها بدلاً عن الخوض في أمور محتومة ومحسومة منذ أمد بعيد.
أقول قولي أعلاه، ثم أعرج إلى الجهات المسؤولة أحرضها تحريضاً لا حدود له (متسع اليدين والأفق)، على المضي قدماً في هذا الحظر الهاتفي بحيث تمنعه كما التدخين تماماً – منعاً باتاً وقاطعاً عن موظفي الميري كافة الذين استمرأوا التمرغ في المكالمات شبة المجانية، والرسائل القصيرة، وواتس اب وفيس بوك، وما إليهما من معينات (شمارية) أثناء ساعات العمل القصيرة جداً، فيعد أن (يقطمون) نصفها في الصلوات والوجبات، ينهشون ما تبقى من (جيفتها) في النسنسات والونسات ويتركون المتعاملين نهباً للانتظار الممل الطويل، ثم يقذفون في وجوههم بعبارة (تعالوا بكرة)، وبالتالي يكبدون البلاد والعباد خسائر جسيمة وفادحة.
ومن هنا أدعو الجهات المسؤولة لإصدار مرسوم واضح اللغة ودقيق الصياغة، فصيح غير غائم، واضح غير مبهم، يقضي بإغلاق الهواتف الجوالة خاصة الموظفين والعمال في القطاعين الخاص والعام أثناء ساعات الدوام الرسمي، ولضمان إنفاذ هذا المرسوم يلزم الموظفين على وضع هواتفهم أمانة في استقبال المؤسسة إلى حين انتهاء الدوام، وبعد ذلك فليتمرغوا كما شاءوا وليأكلوا لحوم الناس وهم أحياء حتى يتجشأوا.
في ظني المتواضع، أنه لو طبق هذا القانون، فإن معدل التنمية سيرتفع على الفور، وسيزداد الإنتاج بوتيرة متسارعة مما يعود على البلاد بالخير والفائدة والنماء (بشرط) أن يتزامن كل ذلك مع حرب شعواء على الفساد والمفسدين.
الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي