الكهرباء بين “البرمجة” والخرمجة
من أقوال حكماء المعاناة في الخرطوم الآن (عدم وجود برمجة قطوعات لا يعني عدم وجود قطوعات)..
ومقولة أخرى معبِّرة مؤلفة بخيال الصيف الساخن والساخر تقول: (برمجة مضمونة ولا كهربا مجهجهة)..
أما المقولة التي قد لا تجيزها لجنة المصنفات لكنها هي الأبلغ فتقول (البرمجة أفضل بكثير من هذه الخرمجة)..
وهي فعلاً (خرمجة) وعشوائية لا شبيه لها حين تجزم الحكومة قبل رمضان قطعاً بعدم وجود قطوعات كهرباء رمضانية ويأتي رمضان بكهربا مجهجهة وموية قاطعة..
ولأيام متتالية لا يمر النهار على الكثير من أحياء ولاية الخرطوم إلا بقطوعات مستمرة للمياه وقطوعات مفاجئة للكهرباء تفسد على الصائمين جميع خططهم لتدبير وقتهم واستثمار ساعات وجود التيار الكهربائي خلال اليوم لإنجاز المهام الكهربائية في حياتهم اليومية..
برأي عام عليه شبه إجماع من المواطنين حسب قياساتنا – غير الدقيقة طبعاً – فإن أوضاع (جهجهة) التيار الكهربائي (الحاصلة اليومين دي) للمواطنين أسوأ بكثير من وضع القطوعات المبرمجة السابقة والتي قد يتمكن فيها المواطن الصابر من تدبير ما قسمه له الله من كهرباء بصبر عظيم، أما هذا الوضع الذي يعيشه المواطن الآن فهو وضع غير آمن (كهربائياً) تماماً ويؤكد عدم وفاء وزارة معتز بالتزامها المعلن، حتى ولو أقسم بأن كهرباءه كافية والمشكلة فقط في حدوث الأعطال المفاجئة كما قال.
ونشتم رائحة تبرير مبكر لزيادة الأسعار في التعرفة من خلال تركيز خطاب وزارة الكهرباء عن الأعطال حتى يصل المواطن درجة من القناعة بأن الفاتورة التي يسددها لا تفي بتكلفة التشغيل والصيانة لتحقيق أوضاع مستقرة ومنتظمة في إمداد الكهرباء، وهذا هو الخط الذي يركز عليه الوزير معتز منذ شهور، فكما قلنا من قبل لم يحدثنا وزير أو مدير كهرباء سابق عن زيادة أسعار الكهرباء مثلما ظل يحدثنا ويهددنا بها الوزير الحالي.
المواطن يعرف شيئا واحدا هو عدم وفاء الحكومة بعهدها، فالأعطال لا تحدث بهذا المعدل العالي وبشكل متكرر لكن الفشل فقط هو الذي يحدث بهذه المعدلات وفي أماكن مختلفة اللهم إلا إذا كانت تلك الأعطال تحدث ضمن حملة أعطال واسعة ومنظمة مثل الحملة الدولية ضد تنظيم داعش.. لتقصف كل أحياء العاصمة بخارطة وتوقيتات غير معلومة.
لو كنت مكان وزير الموارد المائية والكهرباء، لما ترددت لحظة واحدة في تقديم استقالتي والإصرار عليها، حتى ولو كانت هذه القطوعات بمعدلها الحالي بسبب أعطال وليس بسبب برمجة، لأنك فشلت فنياً في تحقيق التزام معلن للمواطنين وأحرجت قيادة الدولة بتمليكها معلومات غير دقيقة عن قدرتكم على توفير الكهرباء للمواطنين خلال شهر رمضان بلا قطوعات.
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.