الطاهر ساتي

وجع قلب ..!!


:: منتصف مايو الفائت، تحت عنوان ( جلي الفكرة)، وبعد سرد أنواع المتاعب وأشكال المتاريس، ناشدت الحصيني بأن يرمي فكرة مشروع قلب العالم وراء ظهره ثم يرحل (حياً)، أي قبل الرحيل – مفجوعاً – بالتابوت..وبعد الزاوية بأسابيع، عقد المدير العام للمشروع مؤتمراً صحفياً بمنبر سونا، وعرض المشروع ومراحل التنفيذ وأزمنة الإفتتاح، ثم قال ( لقد بدأنا)..!!

:: وقبل أن تبارح آثار المؤتمر الصحفي قاعة سونا، آي بعد ثلاثة أيام فقط لاغير من تصريح (لقد بدأنا)، أصدر المجلس القومي للمناطق الحرة قرارا بإلغاء ترخيص شركة قلب العالم في جزيرة مقرسم .. ( يلا إتخارج)، أو هكذا لسان حال القرار الصادر بعد تصريح ( لقد بدأنا)..وعليه، عادت جزيرة مقرسم (كما هي)، مهجورة..ولم يعد هناك غير أن نخاطب الحصيني بلسان حال قائل : ( الجاتك في مالك سامحتك)..!!

:: وفي إطار الوثائقيات.. قبل خمس سنوات، وصل رجل الأعمال الحصيني إلى الخرطوم بحثاً عن فرص الإستثمار في مجال العقارات..ولكن بعض كبار القوم اقترحوا له الإستثمار في جزيرة مقرسم بالبحر الأحمر..وهي من الجزر التي لم يدخلها إنس ولاجان منذ أن خلقها الله .. لطبيعتها القاسية ولخلوها من الخدمات، كانت – ولا تزال – مهجورة إلا من بعض الزواحف والطيور..وبعد الإقتراح، قصد الحصيني أرض المشروع، و راقته الجزيرة التي تبعد عن الساحل ( 18 كلم)..!!

:: وطوَر الفكرة من بناء عقارات إلى إنشاء (مدينة كاملة)، ذات مناطق صناعية وتجارية ومطار دولي وميناء وفنادق وغيرها، وتساهم فيها أكثر من ( 80 شركة عالمية)..وافقت وزارة الإستثمار على المشروع، وخصصت الجزيرة لهذا المشروع..ثم إعتمد مجلس الوزراء ما وافقت عليه وزارة الإستثمار، وأصدر قراراً – بتاريخ إكتوبر 2012 – بتحويل مقرسم إلى (منطقة حرة)، ثم تخصيصها لمشروع قلب العالم..!!

:: وغادر الحصيني إلى بلاده متأبطاً القرارات و فواتير الرسوم المدفوعة (دولاراً وجنيهاً)، وكلها مختومة بأختام الحكومة..ثم عاد بالخرائط والكوادر والمعدات لينفذ المشروع حسب العقود وجداولها الزمنية الموثقة ..ولكن عند الشروع في التنفيذ، أصدر معتمد جبيت المعادن قراراً بإخلاء الجزيرة من هذا المستثمر وكوادره لحين الجلوس مع الأهالي حول الحقوق، وتوقف العمل بالمشروع عاماً..علماً بأن الجزيرة بلا سكان منذ أن خلقها الخالق..!!

:: وبالمناسبة، تم تخصيصها للحصيني بأمر كل السلطات، بما فيها رئاسة الجمهورية التي شهدت حفل وضع (حجر الأساس)، وكان المعتمد من الحاضرين..ومع ذلك، أوقف المعتمد العمل بتبرير حقوق الأهالي ..ثم تجاوزوا متاريس حقوق الأهالي بشهادة المعتمد ( ذاااتو)..وتواصل العمل.. ثم (فجأة) حكمت محكمة الطعون الإدارية بايقاف العمل مرة أخرى..!!

:: ثم تحويل حق الإستثمار في الجزيرة لصالح مواطن اسمه دياب ابراهيم..ظهر دياب فجأة، بعد الشروع في التنفيذ ..وبعد أشهر من التقاضي وتعطيل المشروع، أعادت المحكمة حق الإستثمار في الجزيرة للحصيني..فعقد المدير العام ذاك المؤتمر الصحفي وأعلن (إنطلاقة المشروع) ..ولكن بعد إعلان الإنطلاقة بثلاثة أيام، ألغت الحكومة – عبر المجلس القومى للمناطق الحرة – ترخيص الحصيني..!!

:: أسباب إلغاء الترخيص..لم يقدموا دراسة الجدوى الفنية، ولم يقدموا دراسة الأثر البيئي، ولم يقدموا دراسة المسؤولية الإجتماعية .. لم يقدموا تلك الدرسات، ولذلك نزعوا الجزيرة بعد سنوات من التسليم..ولو كانت الأشياء تُدار (كما يجب )، لما سلموها الجزيرة قبل أن يقدم تلك الدراسات .. فالإدارة العامة تقرر (أولاً) ثم تفكر (لاحقاً)، لتحصد الناس والبلد ( وجع القلب)، وليس قلب العالم ..!!