حيدر المكاشفي

خوة الشلاليف والقلب الما نضيف


لا أدري لماذا يقولون فيمن يلومونه على أن خوته لم تكن (في الله) وصداقته ليست صادقة وصدوقة، وإنما كانت فقط من أجل مصلحة تنتهي الخوة والصداقة بانتهاء أجلها (خوة الكاب حدها الباب)، فالذي أعلمه بل هو ثابت عملياً أن (خوة) العسكريين قوية وراسخة وتمتد وتتواصل إلى ما بعد انتهاء الخدمة، اللهم إلا إذا كان المقصود بالمقولة أن صاحب (الكاب) لن يجامل من ارتكب جرماً أو خالف القانون ولو كانت تجمعه به (خوة) أو صداقة، ولكن حتى هذه فيها قولان، المهم هذا فيما يتصل بعلاقة صاحب كاب من أهل السلطة بالآخرين، أما حين يفقد صاحب السلطة سلطته ويذهب عنه صولجانها وأبهتها وبريقها وينفض من حوله السمار والزوار والندامى الذين لم يكونوا يتحلقون حوله، إلا من أجل مصلحة يصيبونها منه، يقول الإبداع الشعبي عن مثل هذه العلاقة (خوة الشلاليف والقلب الما نضيف)، وللإمام الشافعي في مثل هذا الصنف من الانتهازيين المصلحجية، قصيدة ذائعة يقول فيها (لا خير في ود امرئ متلون حلو اللسان وقلبه يتلهب.. يعطيك من طرف اللسان حلاوة ويروغ عنك كما يروغ الثعلب.. يلقاك يحلف أنه بك واثق وإذا توارى عنك فهو العقرب.. إلى آخر القصيدة)، وغير هذا هناك الكثير الذي قيل في ذم أمثال هؤلاء النفعيين ماسحي جوخ السلطان والآكلين على موائد الحكام…
ها هو الأستاذ عبد الباسط سبدرات يعترف بأنه أحد الذين انفض عنهم الأحباب والأصحاب بعد أن زالت عنه السلطة، فشكا حاله هذا للإعلامية عفراء فتح الرحمن في برنامجها (اكتمال القمر) الذي استضافته فيه، فقال في حسرة (أصعب حاجة تكتشف أن أصدقاءك هم أصدقاء سلطة ما أصدقاء حقيقيين.. وأنا بقضي في عدة من انفض عنه أصدقاؤه)، وسبدرات هذا الذي يشكو الآن الوحدة والعزلة، كان إلى عهد قريب ملء السمع والبصر متقلباً بين العديد من الوزارات وناهضاً بالكثير من المهام، بل كان يعد ميرابو الإنقاذ وخطيبها المفوه، حتى إن هذا الاندياح والتمدد في كل الساحات والمنابر التي شغلها سبدرات، أزعج عراب الإنقاذ الأول د.الترابي فقال فيه قولته الشهيرة (سبدرات جبناه ممثل بقى مخرج)، ومؤدى عبارة الترابي أن سبدرات لم يكن أصيلاً في حركتيه الإسلامية والانقلابية، وجئ به من أجل التمويه والتمثيل، ولكنه بعد (الفتح) صار (إنقاذياً) أكثر من الإنقاذيين الأصلاء، وظني أن ذكاء سبدرات لم يخذله في كشف واكتشاف أصدقاء السلطة الانتهازيين، ولكن يبدو أنه فقد أصدقاءه الحقيقيين عندما ركب موجة الهوجة، وبالضرورة كان لا بد أن يفقد أصدقاء السلطة المزيفين، ولهذا أصبح بلا أصدقاء الآن أو كما قال…