أم وضاح

السودان بخيرو


رغم أنني في رمضان هذا العام اعتكفت تماماً في منزلي ولم ألبِّ دعوة إفطار واحدة رغم ما تلقيته من دعوات على كل الأصعدة الرسمية والمهنية وحتى الأسرية، إلا أنني لم أستطع أن أتأخر عن تلبية دعوة كريمة قدمتها لي السيدة الأولى حرم رئيس الجمهورية الحاجة “فاطمة خالد”، بتناول الإفطار بمنزلها وتلبيتي للدعوة لم تكن من باب مسح الجوخ أو البحث عن مزايا أو عطايا في منزل الرئيس، ولكنها لأسباب أولها تقديري واحترامي ومحبتي لهذه السيدة السودانية المعجونة بطيبة ومحنة وتلقائية أهلنا الطيبين. وقد شاهدتها في أكثر من مناسبة تتعامل بأريحية وطيب خاطر لم تغيرها السلطة ولم ترفعها عن الناس زيِنة بريق التشريعات ورسمية البروتوكولات. وتأتي الأسباب أن السيدة الأولى تمثل بكل المقاييس (رمزية) يلتقي عند وريف ظلالها أهل السودان محبة وسماحة، وثالث الأسباب أن مثل هذه الدعوات تجعل الشخص يقرأ الكيفية التي يستوعب بها الرئيس والمقربون منه الشرائح التي تكون نسيج الشعب السوداني. وصدقت قراءتي لحظة دخولي حديقة المنزل والحضور كان نوعياً بشكل لافت لم تقتصر الدعوة على سيدات الحزب الحاكم ولا على الموالين فقط من الكيزان والكوزات، وكان من بين الحضور نساء الأحزاب والحركات المسلحة، ويكفي أن أقول إنه قد شكلت تواجداً بازخاً السيدة الشياكة من حركة العدل والمساواة والسيدة “عائشة محمد” حزب الشرق الديمقراطي والسيدة “حرم المنصوري” من حزب الحركة الشعبية جناح السلام والسيدة “مريم برمة” من حزب الدستور وإحدى أخواتنا الفاضلات من الاقباط أشقاء الهوية والتاريخ والمستقبل وهي أمينة المرأة في مجلس أحزاب الوحدة الوطنية، ليشكل بذلك هذا الجمع سوداناً مصغراً تلتقي عن بؤرة الشعور فيه كل الأيديولوجيات وكل المسميات وكل ألوان الطيف. ولعل هذا التمازج الوحدوي جعلني أهمس للأخت “أميرة أونور” وزيرة التربية بولاية البحر الأحمر، أنه إطلاقاً لم ولن يخالجني أدنى شك أن هذا البلد يمكن أن يؤول إلى ما آلت إليه بلدان أخرى تشتيتاً واحتراباً، لقناعتي أن الود الذي يجمع أهل السودان هو أقوى وأعظم من خلافات السياسة مهما تشعبت وتشابكت، وهذا ما شكل المشهد على الموائد التي التف نحوها الجميع القاسم المشترك بيننا التوب والسمرة والقلوب البيضاء من غير سوء.
لكل ذلك أقول إن المشهد الذي رسمته دعوة السيدة الأولى بذكاء وأرادت من خلاله أن تصل رسالة وحدنا من يكتبها ووجدنا من يقرأ فحواها أن أهل السودان لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وأنه مثلما تجمعنا الأفراح والأحزان وتجمعنا صفوف الصلاة وتجمعنا موائد الإفطار، نستطيع أن نجتمع على قضايا البلد وهموم البلد بذات الالتفاف وذات السماحة.
فالشكر للسيدة “فاطمة خالد” على حفاوة الترحاب والتقدير لها والإعجاب بالحميمية التي استقبلت بها ضيوفها، كأنها تعرفهم بشكل شخصي فرداً فرداً ولنجعل من هذا الملمح الاجتماعي والإنساني أرضية نقف عليها نتفق أو نختلف، دون أن يوجه أحدنا خنجراً مسموماً في ظهر أخيه طالما الهدف هو السودان وإنسانه.
كلمة عزيزة
إن كان هناك أشخاص يستحقون التحية ورفع القبعة فهم أولئك الشباب بمختلف مسمياتهم الذين يتمترسون في الشوارع وعند الإشارات لحظة الإفطار للراجلين والسابقين على حد السواء، مقدمين الطعام والسقيا لهم هؤلاء هم أهل السودان الحقيقيون أصحاب المعادن الأصيلة والقيم الرفيعة، أكثر ما لفتني إليهم تلك الابتسامات المطمئنة والوجوه السمحة الهادئة، فالتحية لكم شباب السودان على هذه المبادرات التي تقدمونها بتواضع العظام وأريحية الكبار والسودان بخيرو.
كلمة أعز
واحد من روائع السينما السودانية فيلم (عرس الزين) الذي بشر بميلاد سينما سودانية واعدة توقفت للأسف عند محطة البدايات، أكثر جملة شهيرة في الفيلم كان يطلقها (الزين) وهو يقول إن قلبه مكتول في فريق ناس فلانة، وللأسف تتزوج تلك الفلانة ويظل (الزين) يقفز من غصن لغصن. بالمناسبة شنو أخبار (زين) (الصريح) وقلبه الأيام دي في ياتو فريق!!