العيد هناك
من الأخبار الاجتماعية ذات الظلال السياسية أن الدكتور “التجاني سيسي” مساعد رئيس الجمهورية ورئيس السلطة الإقليمية لدارفور المنتهي أمدها، غادر الخرطوم منذ أيام إلى مسقط رأسه في مدينة “زالنجي” أقصى غرب السودان، من أجل قضاء عطلة عيد الفطر المبارك بين أهله وعشيرته. والرجل قد أرغم على تولي منصب دمنقاوية الفور، خلفاً لشقيقه الراحل “فضل سيسي محمد أتيم”.. وهو أي د.”التيجاني سيسي” أيضاً ينوب عن أهله في المجلس الوطني ويحتفظ بمنزل عريق وتاريخي في وسط مدينة “زالنجي”، يعتبر (تكية) للغاشي والماشي.. وارتباط القيادات بقواعدها من القضايا المهمة جداً.. لأن كثيراً من السياسيين يجافون مناطقهم.. وتبعدهم الوظائف وحياة الخرطوم الناعمة عن الريف وتنشأ طبقة سميكة تعزل السياسي عن قواعده ، ولا يؤوبون إلا في مواسم الانتخابات.. ومن الوزراء المرتبطين بقواعدهم ، الدكتور “علي محمد موسى تاور” ، الذي غادر الخرطوم لكادقلي لقضاء عطلة العيد بين أهله وعشيرته.. وفي ذلك توجه ينبغي أن تعززه مؤسسة الرئاسة بإصدار توجيهات مباشرة للوزير الأول “فضل عبد الله”، لحث الوزراء على التوجه إلى مناطقهم وقضاء إجازة العيد وسط أهلهم.. اللهم إلا إذا كان الوزير من الذين لا يعرف لهم منطقة جغرافية بعينها. ومن قبل حينما أخذت الحكومة على عاتقها خوض الحرب في المنطقتين ، باعتقاد منها أن التمرد يمكن حسمه في أيام معدودة عسكرياً، طالبنا الرئيس بأن يأمر وزراء حكومته أن يأتي أي منهم بمائة مقاتل من دائرته الجغرافية أو عشيرته الأقربين، دفاعاً عن سلطة هم يتفيأون ظلالها ويحصدون ثمراتها ويأكلون من نعيمها.. وإذا كان الوزير لا يملك رصيداً في بنك الجماهير والأهل والعشيرة، يؤهله لاستنفار مائة مقاتل من أهله.. فليذهب من كرسي السلطة غير مأسوف عليه.. واليوم مطلبنا أن يتخذ الوزراء وكبار المسؤولين من الدكتور “التجاني سيسي” والأخ “علي محمد موسى”، قدوة ومثالاً ، يمتطي الوزراء السيارات الفارهة التي ترابط أمام بيوتهم ويتوجهون إلى مدن وقرى السودان، و(صلاً) للأرحام ووصلاً للعلاقة الاجتماعية والسياسية مع القواعد، وبثاً للطمأنينة حتى يشعر المواطنون بأن الوزراء الذين يمثلونهم في المركز قريبون منهم، ليس الوزراء وحدهم بل حتى القيادات ذات الأثر السياسي يعودون لأهلهم ، على الأقل، في مواسم الأعياد الدينية ، كالفطر والأضحى.
لماذا يذهب د.”نافع” في عيد الفطر لمسقط رأسه بتميد النافعاب و”الزبير أحمد الحسن” لأم الطيور ،و”قطبي المهدي” للدامر.. والمهندس “إبراهيم محمود” إلى كسلا.. والفريق “محمد عطا المولى” إلى المناصير.. والفريق “بكري حسن صالح” إلى دنقلا ، و”حسبو محمد عبد الرحمن” إلى الضعين. وبدلاً من أن يطوف “بحر أبو قردة” على أوربا، يذهب إلى الطينة ، ومعه “محمد بشارة دوسة”، ويذهب “علي محمود” إلى رهيد البردي ، ود. “الحاج آدم يوسف” لعد الفرسان.. و”عمر سليمان آدم للدبكر ، ود.”أحمد بلال” إلى أم صيقعون ،و”خميس كجو كندة” ومعه “كبشور كوكو” إلى دلامي.. و”مسار” إلى الفردوس حالياً وأضان الحمار سابقاً.. ود.”عيسى بشري” للمجلد.. ود.”عبده داؤود” إلى الطويشة برفقة “عثمان كبر”.. و”بدر الدين محمود” إلى مدني ، والفريق “هاشم عثمان” ومعه “محمد الشيخ مدني” إلى شندي. ولا ننسى حتى الصحافيين يعودون إلى قراهم ومدنهم البعيدة : “النور أحمد النور” إلى مسيد والده في أم دم حاج أحمد ، و”محمد الفاتح” وهدية علي” للفشاشوية ، و”خالد التجاني” للأبيض و”الصادق الرزيقي” للضعين و”مزمل أبو القاسم” إلى شندي و”الهندي عز الدين” لأم مغد.. و”ضياء بلال” إلى المناقل.. ولا يبقى في الخرطوم إلا “نبيل غالي” و”مؤمن الغالي” و”مصطفى أبو العزائم”، و”صلاح حبيب” من أهل الخرطوم الحقيقيين.. وكذلك يمضي كبار التجار والرأسمالية الأعياد في مدنهم الأصلية، ويتركون الخرطوم لمدة أسبوع خالية من الأجانب الذين توافدوا عليها، بحثاً عن السكن ورغد العيش والوظيفة.. ولن يتغير شيء في الخرطوم، والنظام محفوظ.. والحكومة باقية لكن الشعب في الولايات والمدن ، هو المستفيد من عودة الطيور المهاجرة.