حيدر المكاشفي

انتفاضة حشاش بدقينتو


قصة (حشاش بدقينتو) معروفة ومشهورة ولا أرى داعي لتكرارها بحذافيرها، فما يهمني منها هنا هو خلاصة ما رمت إليه من أن التنظير والكلام الكثير (الساكت) والكسل و(الورجقة) لا تنتج زرعاً ولا تؤتي ثمراً ولا تحقق هدفاً، بل لا بُدَّ من عمل حقيقي دؤوب ومثابر، وأن الأمنيات دون اجتهاد وبذل لتحقيقها تظل بلا معنى مثل (أحلام ظلوط الديك المزعوط)، وتلك حكاية أخرى، فالأمنيات والتمنيات لن تبلغك مطلبك كما قال الشاعر (وما نيل المطالب بالتمني ولكن تُؤخذ الدنيا غلابا)، هذا الحال الذي كان عليه السيد (حشاش بدقينتو) و(ظلوط الديك المزعوط)، هو الحال ذاته الذي تجسده اليوم أحسن تجسيد قوى المعارضة، ولعلكم لاحظتم مثلي تكاثر تصريحات بعض رموز المعارضة التي تتالت وتواترت في الآونة الأخيرة تبشر بانتفاضة شعبية وشيكة، وحين تحاول أن تستجلي خبر هذه التصريحات وما وراء أكمتها، لن تجد سوى جملة من الاجتماعات واللقاءات في الغرف المغلقة لهذه القيادات، أما عندما تحاول معرفة الدليل القوي الذي يجعل هذه القيادات تبشر بقرب وقوع الانتفاضة عقب أي لقاء لها، لن تجد دليلاً يؤبه له غير قولهم باكتمال شروط وقوع الانتفاضة، ولم يبقَ على اندلاعها سوى التنسيق والتخطيط…
بهذا الفهم المغلوط الذي عليه بعض أقطاب المعارضة، لن تقوم انتفاضة أبداً، وسيطول انتظارهم على قول نافع و(سنسلمها عيسى) على قول آخرين من إخوة نافع، فمهما اكتملت شروط قيام الانتفاضة ونضجت ظروفها وعواملها الموضوعية وتهيأ لها الجو تماماً، فلن تقوم للانتفاضة قائمة، إذا كانت قوى المعارضة التي تحلم بالانتفاضة تعيش حالة يُرثى لها من التبعثر والتضعضع والضعف والانقسام والبعد عن الجماهير، ثم إنها علاوة على هذه النقائص الكبيرة ليس لها خطاب موحد وبالضرورة ليس لديها برنامج متفق عليه، فكيف لمعارضة على هذا الحال البائس أن تتحدث عن تخطيط وتنسيق (قال تخطيط وتنسيق قال)، بل كيف لها أن تبشر بانتفاضة وهي مبعثرة ومشتتة ومفككة الأوصال خائرة القوة والعزم، هذا حال لا يبشر بشيء سوى أن يتوعد بالقول (ابشري بطول سلامة يا إنقاذ)، على غرار حكاية الفرزدق مع مربع، كما في بيت جرير الشهير في هجائه للفرزدق (زعم الفرزدق أن سيقتل مربعاً فأبشر بطول سلامة يا مربع)، وعليه ومع حال المعارضة هذا؛ الأفضل لها أن تنتظر القيامة بدلاً من انتظار الانتفاضة أو فلتنتظر إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً…