أكثر من فتنة في الطريق
حقيقة لا أحد يعرف دوافع قناة الجزيرة الإخبارية في بث حوارات مستنطق شهود العصر الأستاذ “أحمد منصور” مع الشيخ الدكتور “حسن عبد الله الترابي” بعد رحيل الشيخ.. رغم أن حديث الشيخ “الترابي” لم يكن جديداً في كلياته، وإن تضمنته تفاصيل حول ما سبق أن أشار إليه قبلاً.
الآن هناك بوادر فتنة ومحاولات لاغتيال بعض الشخصيات التي تولت مسؤوليات محددة في دست الحكم بالسودان خلال محاولة اغتيال الرئيس المصري الأسبق “محمد حسني مبارك”، بل إن الأمر تجاوز اتهام الشخصيات القيادية بالاشتراك في تلك المحاولة الفاشلة، أو تواطئها بالعلم المسبق بها، بالسكوت عن الجريمة، والعمل على التغطية عليها، حتى لا تزيد الضغوط التي كانت تواجه البلاد أصلاً، بل تعدى الأمر ذلك إلى اتهام العناصر الفاعلة في نظام الحكم بتصفية الضالعين في تلك المحاولة، أو الشهود الأقرب إلى مسرح الحدث. وكان كل ذلك فرصة لتصفية الحسابات السياسية والشخصية والخاصة من خلال استغلال ما جاء على لسان الشيخ “حسن الترابي” في سلسلة الحلقات التي بثتها الجزيرة الآن، والتي لا نعرف حقيقة دوافعها رغم أن تلك المعلومات كما أسلفنا لم تكن جديدة، وإنما ذكرها الشيخ “حسن الترابي” في لقاء مع قناة العربية في العام 2010م.
تلك واحدة.. أما الثانية فإن ما يجري على أرض دولة جنوب السودان من اقتتال يتصارع فيه الرئيس ونائبه على السلطة، بينما يدفع المواطن الجنوب سوداني ثمن طموحات الرجلين، وتدفع بلادنا الثمن مضاعفاً، بالتوترات الأمنية المتوقعة، إضافة إلى الفوضى التي تحدثها ربكة التمرد سواء أكان داخل الحركة الشعبية قطاع الشمال، أو داخل حركات دارفور المسلحة التي اتخذت من أرض دولة جنوب السودان منصة تطلق منها عملياتها، والتي سيربكها أكثر انقطاع (الحبل السري) الذي تتغذى عليه من المشيمة الجنوب سودانية الرسمية.
مئات الآلاف من أبناء دولة جنوب السودان فروا من المواجهات الدامية نحو بلادنا التي أصبحت قبلتهم التي افتقدوها وافتقدوا معها السلام والأمن والطمأنينة، والتي نتوقع أن يلجأ لها عدد من أمراء الحرب هناك بعد أن تسقط راياتهم في أرض المعركة.
وفتنة ثالثة لا بد أن تكون أجهزة الدولة الرسمية ومخابراتها قد انتبهت لها واستعدت لمواجهتها، وهي الفتنة الإسرائيلية التي أخذت تطرق أبواب الدول الأفريقية، والتي أخذت تبحث لا عن مقعد في الاتحاد الأفريقي بصفة مراقب – في ظل غفلة عربية تامة، لم تقدر أن يوماً مثل هذا اليوم سيكون ضمن أيامها النحسات في تاريخ تعاملها مع دولة إسرائيل.
يد الفتنة الإسرائيلية ستمتد إلى دول الجوار والمنطقة وستسعى للوقيعة بين بلادنا وبين هذه الدول، وإسرائيل يعلم قادتها أن أثرها منفردة أكبر بكثير من أثر دولنا العربية مجتمعة – للأسف الشديد – داخل هذه القارة السمراء الغنية بالموارد، التي يعتبرها الغرب كنز المستقبل لأجياله القادمة.
إسرائيل لن تكتفي بذلك لكنها ستسعى لإشعال نيران الفتنة في الداخل، حتى وإن (تنكرت) في ثياب غير ثياب الحاخامات، وظهرت بوجه طيب تحت لافتة أخرى.. نعم.. ستدعم قوى على حساب أخرى.. وتعمل على إسقاط النظام بالحيلة والذخيرة إن تطلب الأمر.. وهذا يتطلب قطعاً يقظة حقيقية حتى لا نسقط في الفخاخ المنصوبة لنا بذكاء ودهاء لا تفرق بين حاكم ومعارض، انتبهوا أيها السادة.