“ضد الحصار” لن تستضيف الخرطوم “ملتقى التصنيع والابتكار” وحده خلال الفترة المقبلة.. فالعاصمة تسعى أيضاً لكسب ود بكين بإقامة أسبوع العلاقات الصينية السودانية
تزدحم الآفاق بشهادة زعيم حزب المؤتمر الشعبي على العصر، تنازعها على صدارة الأنباء الأحداث الدامية بدولة جنوب السودان.. بريطانيا وسياسات ما بعد البريكسيت، مثلما أن أحداث دالاس وما عداها تداعيات أحداث القطيف والمدينة وغيرها حاضرة في خارطة الأخبار.. بالمجمل ينوء المشهد السياسي بحزمة من التجاذبات والتقاطعات ويتسارع بصورة مذهلة إلى درجة تكاد تختفي معها ملامح المشهد الاقتصادي..
وعلى الرغم من الحراك المرتقب خلال الفترة القادمة، إلا أن أحداث الجنوب تظل في قراءتها الأكثر تأثيرا على الاقتصاد؛ ما يجعل المخاوف التي أطلقتها رئيس لجنة الطاقة بالبرلمان حياة الماحي مشروعة، حيث أبدت الأخيرة قلقها من استمرار القتال والمعارك بما يؤدي إلى إيقاف ضخ النفط، والذي يضخ بدوره في خزانة السودان من خلال الرسوم التي يدفعها الجنوب مقابل نقل وتصدير نفط جنوب السودان. وبينما تقول الأنباء الواردة من الجنوب أن القتال لم يصل إلى مناطق الإنتاج، لكن المخاوف تبدو مشروعة في ظل الوضع الراهن.
سيطرة ما يحدث في جوبا من صراع سياسي جعلت الأخبار الاقتصادية تتدحرج نحو الصفحات الداخلية، رغم أهمية الفعاليات التي تستعد الخرطوم لاستقبالها خلال الفترة القادمة. فأمس الأول وفي قاعة وزارة الصناعة التأم مؤتمر صحفي بقيادة وزير الصناعة ود. عبدو داود وزير الدولة بالصناعة وفي صحبتهما وزراء الدولة بوزارتي الثروة الحيوانية والمالية للإعلان عن ملتقى التصنيع والابتكار والمزمع عقده (الاثنين) المقبل، بقاعة الصداقة، وبمشاركة 550 جهة.
هاجس كسر الحصار
حسناً، الهدف الأساسي من الملتقى ربما يتمثل طرح فرص استثمارية صناعية لإنقاذ القطاع الصناعي من حالة الركود التي طالته. وتجتهد وزارة الصناعة في إنجاح الملتقى بهدف أن يعمل على كسر جانب من الحصار الاقتصادي المفروض على السودان من خلال مساهمة المستثمرين الأجانب في النهوض بالقطاع وإدخال صناعات جديدة تدخل على المدى البعيد في قائمة الصادرات السودانية.
وثمة عقبات عدة تواجه المصانع والقطاع الصناعي ربما آخرها قرار برفع قيمة تعرفة الكهرباء للمصانع، وهو أمر حذر منه أصحاب المصانع ومن مآلاته الخطيرة وانعكاساته على الوضع، غير أن د. محمد يوسف وزير الصناعة أوضح أن إنتاج الكهرباء سيرتفع من 3 إلى 5 آلاف واط خلال الفترة المقبلة، مع وعده بأن يكون العام 2019 هو الحد الفاصل لأزمة الكهرباء بعد إدخال تقنية توليد الكهرباء من الطاقة النووية بمعاونة دولة الصين.
“مشاكل حاضرة”
ورغم أن د. عبدو داود أقر بأن الملتقى لم يقم من أجل مشاكل الصناعة في السودان بل للبحث عن المستقبل إلا أن هذه المشاكل ستكون حاضرة وقد تطرحها الجهات المشاركة لتأمين استثماراتها الصناعية في المدى القريب حال موافقتها على المشاريع التي سيطرحها الملتقى والذي عبر عنه وزير الدولة بالمالية مجدي حسن ياسين، بالأرقام، حيث قال إن الهدف الأساسي من الملتقى هو رفع قيمة الصادرات من 142 مليارا إلى 302 مليار بنهاية العام الجاري ونوه إلى أن الخطة الخمسية للإصلاح الاقتصادي تهدف إلى مساهمة القطاع الخاص في القطاع الصناعي بنسبة 83%، وأشار إلى إمكانية تجاوز الحصار الاقتصادي المفروض على السودان بالاستفادة من التقانات الحديثة من دول بيلاروسيا وتركيا وكوريا الجنوبية والهند والصين وبعض الدول المتقدمة صناعيا في أفريقيا والتى أكدت مشاركتها في أعمال الملتقى.
“تظاهرة شعبية”
لن يكون (ملتقى التصنيع والابتكار) هو الوحيد الذي تستضيفه الخرطوم خلال الفترة المقبلة، فالخرطوم تستعد لكسب ود “بكين” بإقامة أسبوع العلاقات الصينية السودانية والذي سينطلق في العشرين من الشهر الجاري وهو عبارة عن تظاهرة شعبية تبين مدى الوشائج والعلاقات بين الصين والسودان حيث تعتبر الأولى أن الأخير هو مدخلها نحو أفريقيا، خلافا لذلك فإن هنالك محاولات جادة من السودان للاستفادة من مبادرة الرئيس الصيني لدعم أفريقيا من خلال حزمة مبادرات لدعم التنمية في أفريقيا خلال اجتماع جوهانسبرج المرتقب لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي، الذي سيعقد في جنوب أفريقيا يومي 4 و5 ديسمبر المقبل، بمشاركة 36 من رؤساء الدول، و5 من رؤساء الحكومات، و3 من نواب رؤساء الحكومات، ورئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقي.
مشروعات جاهزة
ويؤكد د. عوض الجاز مساعد رئيس الجمهورية والمسؤول من ملف العلاقات السودانية الصينية على أهمية الاستفادة من توجه الصين لزيادة التعاون والاستفادة من إعادة العلاقات بأكثر مما كان في السابق، وأشار إلى أن هناك مشروعات جاهزة قدمت للجانب الصيني، داعيا الجهات المختلفة للعمل على تأطير ملفاتها من أجل تقييم العائد منها واستغلالها بصورة أمثل مع وضع خطة واضحة المعالم ومحكمة للتعاون المستقبلي مع الصين في إطار العلاقات الصينية الأفريقية والعلاقات الصينية العربية التي تتقدم بخطوات اعتبرها فتحت آفاقاً جديدة لتعزيز التعاون المشترك وإرساء قواعد تنمية قوامها الصداقة والمصالح المشتركة.. وأكد الجاز أن السودان بذل جهداً من أجل تعزيز هذا التعاون خدمة للشراكة بين الجانبين بما ينعكس إيجاباً على تطوير جهود التنمية وتبادل المنافع بين البلدين. وأشار إلى أن الأسبوع السوداني الصيني والذي سينطلق في العشرين من الشهر الجاري يهدف إلى تقويم الشراكات مشيرا إلى أن الأسبوع يشمل الجانب الشعبي من أجل إحداث تكامل شعبي مع الجانب الرسمي.
الخرطوم – نازك شمام
صحيفة اليوم التالي