مستشفى الفؤاد “ترعاه العناية”.. بعد تحويل الرصيد
سمعة المستشفيات مثل سمعة الفتيات في مجتمعاتنا المحافظة، لا تقبل أي مستوى من التشكيك في عفتها أو حتى (طراطيش) الكلام.
وهذا من الأسباب القوية التي جعلتنا ومنذ أول يوم بعد تعيين مستثمر القطاع الخاص الصحي البارز في الخرطوم بروفيسور مأمون حميدة، تعيينه وزيراً للصحة في ولاية الخرطوم ومشرفاً بحكم منصبه على أداء جميع مشافي الولاية في قطاعيها العام والخاص، جعلتنا نستنكر قرار التعيين هذا ونرفضه.
هذا الرفض والاستنكار لتعيين حميدة ظل مهموساً ومجهراً به من قطاعات واسعة داخل الحقل الصحي والإعلامي قبل أن (تفرش) صحيفة اليوم التالي أوراق تحقيقها المدوي (الزلزال) على طاولة الرأي العام بمستندات خطيرة نشرتها الصحيفة في عدة حلقات.
لكن الحكومة دائماً تودع موقفها من مثل هذا النوع من التحقيقات في (بطن غريقة) وتظهر إهمالاً كاملاً لمحتوى التحقيق.. أو هذا على الأقل هو ما يبدو للناس، مما جعل بعض العاملين في مؤسسات حميدة يمدون لسانهم لصحيفة اليوم التالي ويسخرون من تحقيقاتها بمعيار قياس غير دقيق لتأثير هذا التحقيق على وضعية الرجل بكونه لا يزال موجوداً في منصبه.
وطبعاً ليس من مهام الصحافة أن تمسك بيد متخذي القرار وقلمهم مثلما يمسك معلم الصف الأول يد تلميذ ويعينه على تعلم الكتابة وفك الخط في أول مرحلة في التعليم الأساسي.
لكن يقيناً الرسالة وصلت للرأي العام الذي احتفظ بموقفه، ويقيناً أنها وصلت أيضاً لمتخذي القرار الذين كثيراً ما تكون معلوماتهم عن مثل هذه الحالات أكثر من المعلومات المنشورة نفسها لكن (البطن غريقة) وليس مطلوبا منا أن نقدر عمق هذه البطن فالكثير من الاختلالات تظل مستمرة بعد فتح بلاغها أمام الرأي العام، وبعضها يتم تأجيل القرار فيه والبعض الآخر يكون من النوع الذي يوصف صاحبه بأنه (سرو باتع).. وكل هذه التفاصيل لا نملك يداً فيها.
لكن وبالعودة للسطر الأول في هذا المقال نقف عند حكاية مستشفى الفؤاد ومستشفى الأطباء.. والأخير هو مستشفى قديم وموثوق ورائج ورابح وله سمعة تاريخية طيبة في قائمة المستشفيات الخاصة قبل قرار إغلاقه، أما الأول وهو مستشفى الفؤاد فهو اسم جديد لكنه حظي بسمعة طيبة في فترة وجيزة..
وكل الذي حدث الآن من إغلاق وإعادة سماح لهذين المستشفيين بمزاولة العمل يترك نتيجة واحدة هي اهتزاز السمعة لمستشفيات يدفع المريض للعلاج فيها من جيبه ومن حر ماله الأمر الذي يجعل مثل تلك المستشفيات تفقد بفعل هذا الاهتزاز في سمعتها رصيداً كبيراً من ثقة المواطنين ويتحول هذا الرصيد تلقائياً إلى مستشفيات أخرى منافسة لها وليس حولها إجرائياً (أي كلام) أو عقوبات سابقة.
الذي حدث هو عملية (تحويل رصيد) ليس أكثر ولا أقل.
ولو أرادت حكومة الخرطوم من المواطنين ظناً أفضل وأحسن من هذا الظن فعليها ببساطة أن تدرأ شبهة تضارب المصالح من وزارة الصحة بولاية الخرطوم.
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.