جعفر عباس

الحسون والتبغ والغليون


سبق لي تنبيه الرأي العام العالمي إلى مخاطر الإمبريالية الفلسطينية التوسعية، وكيف أن الفلسطينيين تسببوا في تشريد طيور من فصيلة نادرة تحمل اسم «الحسون» من دون أن تأخذهم بها شفقة أو رحمة، بأن عمدوا الى اصطيادها بالجملة، لأغراض البيع والتربية، وليس سرا أنني دعوت الإدارة الأمريكية إلى فرض حظر جوي على غزة، واتضح – للأسف الشديد – أن غزة ليست لها أو بها مجال جوي أو بالأحرى أن ما بها من مجال جوي ملك مباح ومشاع.
طائر الحسون هذا من أجمل عصافير كوكب الأرض، فهو زاهي الألوان، ورشيق الحركة، ولسر يعلمه الله وحده فإنه يحب فلسطين، وللحسون هذا خاصية عجيبة لا تتمتع بها حتى الببغاوات، فهو يحفظ الأصوات والأنغام، ولهذا فسعره مرتفع، وبسبب الافراط في اصطياده والاحتفاظ به في البيوت أو بيعه فإنه أوشك على الانقراض.
ومما يؤسف له أن حملة الترويع التي تعرضت لها قادها فلسطينيون كانت تربطني بهم علاقات حميمة، ولكنهم تنكروا لتلك العلاقات، وبلغت بهم القسوة أن عرضوا عليّ قضاء الصيف في غزة!! تصور! وإمعانا في الممارسات الإرهابية هددني بعضهم بمنحي وثيقة سفر فلسطينية. يعني باختصار، يريدون تعريضي لشتى صنوف البهدلة في الحل والترحال.. أنا ناقص؟.. رئيس الوزراء السوداني السابق، الصادق المهدي رجل، قّل ان تعثر له على صورة باسمة أو ضاحكة. منذ سنوات قليلة ألقى خطبة صلاة العيد، وقال في سياقها «ان السوداني لن يدخل النار بإذن الله لأنّ الله لا يعذب عبده مرتين!!». ومع هذا يريد الجماعة أن يكسروا ظهري المحني أصلا بوثيقة سفر فلسطينية.. ربنا على المفتري!!
وللأسباب أعلاه قررت رفع يدي عن الشأن الفلسطيني، وليس مرد ذلك الخوف وحده، فما قد لا يعرفه معظم الفلسطينيين الذين مارسوا الإرهاب آنف الذكر ضدي، هو أني «مسنود». يا جماعة بنيامين نتنياهو «من عندنا» من مواليد السودان، وأكّدت مصادر من داخل وخارج السودان أنه من مواليد بلدة حالوف، وكان يحمل اسم عطا الله شاؤول، ثم هاجر به أهله إلى أوروبا ثم إلى إسرائيل حيث نصب نفسه وكيلا لعزرائيل، المهم أنه بما أن الدم «يحن»، فإنه لن يسكت على أي ضيم يلحق بي فإذا أرغمتموني على حمل وثيقة سفر فلسطينية فإنه سيمنحني جواز سفر إسرائيليًا يكون له مفعول السحر في البوادي والحضر، وعندها لن تخيفني اجهزتكم الامنية.. ولا حتى الشرطة الرياضية التي تضرب في المليان إذا احتسب الحكم هدفًا للفريق «الخصم». ولا جهاز «أمن الجامعات» لأنني أصلاً من دعاة ممارسة القمع في الجامعات، وخصوصًا في الجامعة العربية، بل اتمنى أن يصل القمع إلى درجة تشريد «التلاميذ» المنتسبين إلى هذه الجامعة وإرغامهم على الانضمام إلى جامعات محترمة مثل «حلف الاطلنطي» و«جنوب شرق آسيا» أو حتى «منظمة الوحدة الإفريقية» التي صارت الاتحاد الإفريقي.
ما يخيفني حقًا هو أن هناك اقتراحًا معلقا منذ حين من الدهر أمام المجلس التشريعي الفلسطيني لإنشاء «شرطة لمكافحة التدخين»، بينما يقول علماء الاجناس انه لولا السجائر لأصيب نصف الشعب الفلسطيني بانفجارات الشرايين، والنصف الآخر باللوثات العقلية، تخيلوا ما سيلحق بكوكبنا عندما يتم حرمان كذا مليون فلسطيني من التبغ.
من المؤكد أننا عندئذ سنسمع بـ«عواجيز الحجارة». ففي جميع الدول يقلع الناس عن التدخين مع التقدم في السن، ولكن الفلسطيني يزداد ادمانا للتبغ كلما تقدم في العمر واقترب من سن اليأس.. انسان يائس اصلاً يقترب من سن اليأس، فماذا يفعل؟ والمصيبة أن سن اليأس عند معظم الفلسطينيين يكون ما بين الرابعة عشرة والسابعة عشرة، أي عندما يبدأ الذهن في التفتح وإدراك الحقائق والواقع!! احرموا عواجيز فلسطين من التدخين وستشتعل الانتفاضات في أركان الدنيا الأربعة. والحل: أن يتم تضمين الميثاق الوطني الفلسطيني بندا ينص على أن حق الشعب الفلسطيني في التدخين غير قابل للنقض أو المساومة أو التفاوض!