جمال علي حسن

أبو شنب واليسع وتلك المفارقات


معتمد الخرطوم أبو شنب الذي جمع الصحافيين قبل أيام ليبلغهم بـ(طبالي) اليسع، لم يجد حتى الآن من ينادي الصحافيين من المسؤولين ليبلغهم بمحاسبته هو أو التحقيق معه حول شبهة الفساد التي أشرنا إليها قبل أيام بشراء المعتمد للمئات من أشجار نخيل المزارع بمليارات الجنيهات (بالقديم) من دون مناقصة أو عطاء وغرسها في شوارع الخرطوم دون دراسة جدوى تأخذ برأي المختصين في مجال التشجير ثم موت بعضها والبقية في الطريق ..
ولم يجد أبو شنب من يجمع الصحافيين ليبلغهم بأن هذا المعتمد كان يهم بتنفيذ مشروع التشجير الملياري قبل موسم الخريف الذي فضحت (مطرة) واحدة حال مدن الخرطوم معه وأحياءها وشوراعها الغارقة في برك الأمطار الآن في ظل غياب واضح لأي جهود تحضيرية لهذا الموسم الذي سيتحول إلى موسم كارثي صحياً وبيئياً وخطر حقيقي على حياة المواطنين وتلاميذ المدارس الذين تمتنع وزارة التربية الآن عن تعطيل الدراسة أو تأجيلها لما بعد الخريف .
لم يجد أبو شنب وهو يهتم بصنع قضية رأي عام حول طبالي اليسع – التي فيها قولان حتى الآن – لم يجد من يقول له إن أكوام النفايات التي تملأ المدن والأحياء بمحلية الخرطوم وتهدد صحة المواطنين، كانت هي أبرز مادة في مواقع التواصل الاجتماعي خلال اليومين الماضيين تم استخدامها وتوظيفها لعكس مفارقة كبيرة بين انشغال الحكومة بتأكيد وقوفها مع الحكومة التركية بعد تعرض تركيا لمحاولة انقلابية بينما تمتلئ شوارع الخرطوم بأكوام النفايات التي تحجب عن أرض العاصمة ضوء الشمس ..!
لقد تسبب تقصير أبو شنب وبقية معتمدي ولاية الخرطوم في إفساد معاني موقف الحكومة برغم عدم وجود علاقة مباشرة بين عمل الحكومة الخارجي أو مواقفها الخارجية وبين مسؤولياتها الداخلية لكن المفارقة قابلة للتوظيف بمبدأ الأولويات والمسؤوليات والاهتمام الرسمي الذي (لو ما كفى حرام على الجيران)..
فالحكومة يتم النظر إليها سياسياً وإعلامياً في الكثير من الأحيان ككيان واحد يتحمل المسؤولية بحكم مطلق وهذا هو منطق الرعاية العمرية المأثورة والمحفوظة من سيرة الخليفة الراشد عمر بن الخطاب (لو تعثرت بغلة في العراق لسألني الله تعالى لم لم تمهد لها الطريق) أو كما قال .
هذا المنطق هو الذي يجعل من الضروري اختيار المسؤولين في أي مستوى من مستويات السلطة بمعايير دقيقة للأهلية والكفاءة، لأن تقصير مسؤول صغير قد يفسد جهد الآخرين ويضعف موقفاً كبيراً في اتجاه آخر.
وهذا المنطق هو الذي يجعل تأخر محاسبة أي مسؤول أو مجاملته في خلل أو تقصير أو شبهة تستحق التحقيق فيها ويحسب هذا التأخر على جميع متخذي القرار الذين كان بإمكانهم التدخل لتصحيح الأوضاع الخاطئة وبالتالي حين يتحدث الناس عن فساد في مؤسسة رسمية أو ولاية أو محلية ما فإنهم يصفونه بتعميم مطلق على أنه فساد حكومة الإنقاذ أو فساد حكم الإسلاميين في السودان دون تمييز أو فرز .
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.