حيدر المكاشفي

هؤلاء المختفون .. هل خطفهم الدودو


عادت صحيفتنا (التغيير) للطرق على ملف الاختفاءات الغريبة والعجيبة والمريبة، ذلك عبر نشرها بالأمس لحكاية اختفاء البروفسور عمر هارون على خلفية تقدم بعض المحامين بطلب لوزير العدل بإعادة فتح التحقيق في هذه القضية الغامضة.. ويقيني أن قضية البروف هارون وغيره ممن اختفوا في ظروف غامضة، لن تغلق ولن تسقط بالتقادم أبداً إلى أن يبين الحق أمام الحق جلّ وعلا، وما يزيدها غموضاً وغرابة أن هؤلاء المختفين كانوا من الشخصيات المشهود لها بالنباهة والتميز، كل في مجاله، نذكر منهم هنا على التوالي، أبوذر الغفاري ومحمد الخاتم موسى يعقوب والبروف عمر هارون..

في مساء كالح من مساءات (إنقاذ) مطلع التسعينيات وكانت حينها (الإنقاذ) كالكلب العقور والثور الهائج في مستودع الخزف، تطأ أي شيء وتعض أي شيء من أجل تأمين الانقلاب وتمكين الانقلابيين، توقفت سيارة بوكس على متنها عدد من الأشخاص أمام منزل أبوذر بالحاج يوسف، حيث كان يقيم مع والدته، طرقوا الباب وعندما خرج أبوذر يستطلع الطارق، طلبوا منه أن يصطحبهم في مشوار قصير، ركب معهم أبوذر الشاعر الشاب المبدع صاحب اليدين القصيرتين والطبع الهادئ الرزين، وصاحب رائعة الفذ مصطفى سيدأحمد (في عيونك ضجة الشوق والهواجس.. ريحة الموج البنحلم فوقو بي جية النوارس)، ولم يعد حتى الآن، ولم يعرف له خبر ولا أثر ولا مكان كل هذه السنوات الطوال، ومثله وبعده كان قد اختفى فجأة وبغتة وبطريقة غريبة ومريبة وظروف غامضة ومحيرة منذ سنوات، كل من محمد الخاتم ابن زميلنا الكاتب الصحافي المخضرم موسى يعقوب، الذي خرج من داره بشكل طبيعي ومألوف في الخامسة من مساء الثالث من مارس عام (2006) ولم يعد إلى يوم الناس هذا، والبروفسور عمر هارون أستاذ علم النفس بجامعة الخرطوم، الذي اختفى منذ ذاك الأصيل الذي خرج فيه من منزله لممارسة رياضة المشي التي دأب عليها وواظب، لدرجة أضحت من يومياته المعلومة والمعتادة وبرامجه الثابتة، ولكنه لم يعد إلى داره وأهله حتى اللحظة، بعد مرور حوالى الأربع سنوات،.. ولكم أن تتصوروا حال هذه الأسر المكلومة، وهي تكابد عناء حل هذا اللغز وفك شفرة هذا الاختفاء المحير، هذه حالة تخر من هولها الجبال الراسيات، حالة (تمخول) وتجنن وتطير الصواب، وإننا إذ نجتر هذه الذكرى الأليمة والأسيفة لا نملك إلا أن نسأل الله أن يسخِّر لهذه الأسر من يريحها من عذابات هذا الطلسم، وينتشلها من غيهب الحزن والوجع والظنون، بإفادة شافية وقاطعة عن مصير مفقوديها، وما إذا كانوا أحياء فيرجون أو موتى فينعون، فمما لا شك فيه أن وراء اختفائهم الغامض والمريب، إما جهة ما أو مجموعة ما أو حتى فرد ما، وبالقطع لن يكونوا قد اختطفوا بواسطة (الدودو) كما في اللعبة الصبيانية المعروفة.