كيف تصرف ضابط الامن في مطار الخرطوم مع الشاعر محجوب شريف المحظور من السفر؟

كان ضابط الامن الملازم حين الواقعة ( عمر محمد عثمان مانجل )- الفريق لاحقا – رئيسا علي مناوبة ليلية بمطار الخرطوم وكان هذا اول الثمانينات حينما حضر احد جنود جهاز الامن يحمل جواز سفر الشاعر محجوب شريف وقد ارفق الجندي افادة الحظر وهو يقول ان محجوب امام (الكاونتر) رفقة شقيقته التي تنازع من المرض وفي حالة حرجة تستدعي سفرها بالرحلة المتجهة الي المانيا ، ضربت الحيرة رأس مانجيل فحمل الجواز وخرج للصالة ليجد الشاعر محجوب شريف بالفعل مرافقا لشقيقته التي كانت علي مستند علة كبيرة ، فاستدعي ضابط الامن (المانجيل) محجوب الي مكتبه وقال له تعرف انك محظور – معلوم بالطبع خلاف محجوب مع النميري – فاجاب الشاعر انه يعلم لكن حدثت الامور بشكل متصاعد واضطررت لهذه الرفقة ، صمت الضابط لبرهة ثم قال ساتعامل معك تعامل رجال سودانيين سامنحك افادة بالمرور وافك حظرا مؤقتا وساتحمل تبعات الاجراء تقديرا للظرف الانساني الذي تواجهه ونواجهه معك ، ولتعلم اني في مثل هذه الحالات ملزم بمراجعة (الضابط العظيم ) برئاسة جهاز الامن او مدير الامن بالمطار وحيث انهم ليسوا في موقع الحالة ستكون تعليماتهم انفاذ الحظر وان خالفت ذلك اكون قد ارتكبت مخالفة فك حظرك وخالفت تعليمات قادتي ومضي يفصل ساتركك تسافر متحملا التبعات وساكتب في تقريري غدا الواقعة ولكن اريد منك عهد رجال بان تسافر وتعود وتحصر نشاطك فيما خرجت لاجله وهو علاج اختك ، تبدت حينها الراحة في اعين محجوب شريف الذي قال اعدك وعد شرفاء وهذا جميل احفظه لك ما حييت وبالفعل امر الضابط باكمال اجراءات السفر وكان تصرفا استحسنه الحضور بالصالة جميعا وسافر محجوب شريف وعاد الملازم المانجيل ودبج تقريرا بالواقعة وتحمل مسئولية تصرف وفي الصباح امره مديره بحمل التقرير بنفسه الي رئاسة الجهاز ووصل التقرير للواء كمال حسن المدير العام الذي بعد ان قرأ كتب باختصار (نظر) وهي عبارة تعني تمريره للامر فلما سئل اجاب هذا الضابط تصرف تصرفا ان اشدت به كثرت التصرفات المماثلة وليس كلها صحيحا وان نقدته اكون عبت عليه تصرف رجل مسئول له قراره وساجعله بعدها مترددا طوال عمره واكون قد انهيته كضابط
سافر محجوب شريف وعاد ومضت الايام والمحطات بالمانجيل حتي وصل رتبة الفريق بجهاز الامن والمخابرات الوطني ليتقاعد بعد سنوات اتفاقية السلام الشامل

رجال عظام …نبلاء

محمد حامد جمعة

Exit mobile version