الطاهر ساتي

مشاريع الصخب ..!!


:: ولا يزال اليسع أبو القاسم يدافع – عبر الصحف ومواقع التواصل – عن إستثماراته في أسواق نمر وشارع النيل .. وبعد البيان المدافع عن إستثماره في أسواق نمر، قدم مرافعة أخرى – يوم أمس،عبر صحيفة الوطن – عن إستثماره في شارع النيل .. محلية الخرطوم وقعت مع شركة ملينيوم التي يمتلك أسهمها اليسع أبو القاسم (عقدين).. أحدهما لإدارة وتشغيل ما أحصاه معتمد الخرطوم بالف دكان في أسواق نمر، والآخر لإدارة وتشغيل مساحة قدرها كيلو متر بشارع النيل ..!!

:: وبصراحة، دون غض النظر عما أسماها معتمد الخرطوم بتجاوزات العقود ومخالفتها، فأن لليسع حق الدفاع عن إستثماراته حتى تحكم له أو عليه إحدى المحاكم .. وحُكم المحكمة لم – ولن – يحدث .. وبما أن القضية لاتزال في مرحلة ( الصخب الإعلامي)، أي بعيداً عن سوح العدالة المناط بها حسم مثل هذه القضايا بقوة القانون، فليس هناك ما يمنع اليسع عن (الصخب أيضاً).. وفي بلادنا، الصخب الإعلامي – في مثل هذه القضايا – بمثابة مشروع إستراتيجي لإخفاء الحقيقة، وما ليس مشروعاً – بأمر النهج الحاكم – هو أن تأخذ العدالة مجراها ..!!

:: ذاك شئ، والشئ الآخر هو أن اليسع تاجر .. و أي تاجر، في طول الدنيا وعرضها، غير مُقيد بطرح العطاء وجمع العطاء .. فالتاجر عندما يخرج من بيته بغرض البيع والشراء – حسب العرض والطلب – غير مقيد بقوانين المال العام ولوائح الخدمة العامة ما لم يتم تقييده بها من قبل السلطات المسؤولة عن القوانين واللوائح .. أشيروا إلينا بتاجر رفض توريد سلعة ما لجهة حكومية لأن الجهة لم تطرح العطاء.. أوأشيروا إلينا بمستثمر رفض الإستثمار في أرض مميزة أو خصبة لأن الحكومة لم تطرح هذه الأرض في العطاء .. فالتجار ليسوا بملائكة ليطالبوا الحكومة بشروط المنافسة الشريفة عندما تمنحهم الحكومة فرص الإحتكار .. ولوأي تاجر – في الكرة الأرضية – وجد فرصة اليسع لما أهدرها .. ولذلك، مُرافعة اليسع غير مُدهشة ..!!

:: فالمُدهش في هذه القضية هو غياب الطرف الآخر و ( المُهم جداً).. أي الطرف الحكومي الذي تسبب في هذا الحدث، وهو المعتمد السابق لمحلية الخرطوم .. اللواء عمر نمر رئيس المجلس الأعلى للبيئة بولاية الخرطوم ( حالياً)، وليس سابقاً.. نعم، فالرجل ترقى من المستوى المحلي وصار من النافذين على المستوى الولائي.. والغريب في الأمر، ولا يزال من كوادر الولاية رغم أنف هذا الصخب .. ولا يجب أن يكون من كوادرها ، ولومؤقتاً.. فالأخلاق – قبل المسؤولية السياسية والقانونية – تقتضي بأن يُغادر عُمر نمر منصبه الولائي بإستقالة رصينة يقول فيها ( صرت مواطناً، فحاكموني).. لقد نصب له معتمد الخرطوم محكمة الرأي العام، وليست من المسؤولية أن يظل مسؤولاً ما لم يحسم محكمة الرأي العام بالمحاكم القضائية .. !!

:: وعلى كل حال، فأن والي الخرطوم هو المسؤول عن معتمد الخرطوم الذي كشف ما أسماها بتجاوزات ومخالفات (عقود اليسع).. وكذلك المسؤول عن رئيس المجلس الأعلى للبيئة بالخرطوم والذي كان يمثل الطرف الآخر في (عقود اليسع)..ثم المسؤول عن كل عقود محلية الخرطوم، بما فيها بقية عقود أسواق نمر، وكل عقود شارع النيل، وكل عقود إعلانات الشوارع والكباري، وغيرها من العقود .. وهذه المسؤولية العظيمة تقتضي أن يخاطب والي الخرطوم وزارة العدل بالتدخل العاجل، والتحقيق الشامل .. و أي حدث غير لجنة تحقيق تشكلها وزارة العدل، فأنه محض مشروع من مشاريع الصخب المراد بها (تخدير العقول) ..!!