مرة افرح ومرة اسرح ومرة تغلبني القراية
من يوميات السياسة السودانية المربكة، أربكني موقفان أحدهما للحكومة والآخر للمعارضة، وكلا الموقفين جعلاني مرة أفرح ومرة أسرح ومرة تغلبني القراية، على قول المبدع الفقيد محجوب شريف في قصيدته (جميلة ومستحيلة)، التي أبدع في غنائها الفقيد وردي، ويقول أحد مقاطعها (مرة أسرح.. ومرة أفرح.. ومرة تغلبني القراية.. ولمن أكتبلك وداعاً قلبي ينزف في الدواية.. يا صبية الريح ورايا.. خلي من حضنك ضرايا.. عيوني في الدمعات وحيلة.. أسمحيلا تشوف عيونك أسمحيلا.. أنا لا الصبر قادر عليَّ ولا عندي حيلة).. وكيف تكون لي حيلة وأنا أسرح مع الأصوات الرسمية التي ما زالت تناصر بقاء الوحدات الجهادية الطلابية داخل الجامعات (لا أدري لتجاهد من)، مع أن مثار النقاش كان حول كيفية لجم العنف داخل هذه الجامعات، كما لا أدري لماذا تُثار هذه القضية مجدداً ويتجدد الجدل حولها رغم صدور قرار سابق بتصفيتها.. أما من جانب المعارضة فقد فشلت في قراءة بيان نداء السودان الذي أصدره من باريس، بسبب الغموض وعدم الوضوح والتناقض الذي اكتنفه، فقد بدا من ذاك البيان أن البعض يبشر بوجود مؤشرات على قبول تحفظات المعارضة، بينما هناك بعض آخر لا يطمئن لوجود هذه المؤشرات ولا يرون فيما جرى بباريس ثمة تغيير يذكر في غياب موافقة الحكومة وليس رئيس الوساطة الذي لا يملك حق أن ينوب عنها..
هذا الوضع الحلزوني اللولبي الملولو فيما يخص موضوع الوحدات الجهادية من جهة، وما يتصل بفعالية باريس، يذكر بطرفة المسنوح وسائق التاكسي، قيل أن حديثاً دار بين مسنوح وسائق تاكسي حين طلب السائق من المسنوح أن يتأكد له من الإشارة اليمين إذا كانت تعمل أو لا تعمل، أخرج المسنوح رأسه من الشباك ثم بدأ يردد (شغالة لا ما شغالة، شغالة لا ما شغالة، شغالة لا ما شغالة)، طبعاً الإشارة بحسب طبيعتها (تولع وتطفي)، كما يذكر أيضاً بحوار دار بين اثنين من أصحاب الخيال المريض، قال الأول يخاطب رفيقه: الله ياخي النيمة دي عاملة زي الشجرة ضلها بارد وصفقها أخدر.. قال الثاني: إنت في النيمة ولا الواطة دي حيرتني ياخ، ليه بالليل الدنيا بتكون ليل وبالنهار نهارية.. الأول: أظن لأنو في الليل الشمس بتكون لسع ما بقت قمر عشان كدا رمضان بعرفوه بالهلال.. الثاني: بمناسبة الهلال دا أمبارح إنتو كان عندكم عزاء.. الأول: أمبارح أنا ما كنت في البيت، لاكين بتسأل ليه.. الثاني: لا بس عشان شفتا لي صيوان جنب بيتكم وسامع المرحوم سيد خليفة بغني في التلفزيون.. الأول: لا دا بكون عزاء في التلفزيون.. الثاني: أسمعني أنا عازمك عشا يوم الاتنين بعد صلاة الجمعة في بيتكم.. الأول: هو لاكين يوم الاتنين في صلاة جمعة…