الطاهر ساتي

لسانك حصانك ..!!


:: منذ التشكيل الوزاري الأخير، وزارة العدل تكاد تكون هي (الأكثر نشاطاً).. وعفواً، قد يكون هناك تقدير آخر – للبعض الآخر – بحيث ترى وزارة أخرى هي الأكثر نشاطاً، وهذا التقدير أيضا (محل تقدير).. ولكن من يرصد قضايا الرأي العام الأخيرة ، والموكلة لوزارة العدل بالتحقيق والتحري فيها، يجد فيها جهد الوزارة وحرص لجانها على تحقيق (العدالة الناجزة)، في التحري والتقصي .. وهي العدالة التي تتكئ على عنصري ( الدقة والزمن).. فاللجان التي تشكلها وزارة العدل غير سُلحفائية، أو كما كانت قبل التشكيل الأخير .. وتنتهي مهمتها بتسليم الملفات للسلطة التنفيذية التي كلفتها بالتقصي، لتمشي بها إلى المحاكم أو ( تخليها مستورة)..!!

:: ولقد أحسنت وزارة العدل عملاً بتقصي الحقائق حول ما أسمتها الصحف – على لسان د. محمد صديق – نفايات مشعة وكيميائية بموقع سد مروي، بالولاية الشمالية.. والدكتور محمد صديق كان المدير السابق بهيئة الطاقة الذرية، وتحدث بهذا الحديث – غير المسؤول – بعد أن أصبح (المدير السابق)، ثم تراجع عن حديثه سريعاً، أي بمجرد أن تحول الحديث إلى قضية (رأي عام).. ورغم تراجع صديق، تدخلت وزارة العدل – بلجنة المستشار معاوية عيسى – وتقصت الحقائق، وكشفت عدم وجود مواد كيميائية أو مُشعة بالمنطقة.. وأن الموجود محض مخلفات زيوت وشحوم ثم مواد طلاء إستفادت منها وزارة الصحة بالخرطوم في بعض المرافق ..!!

::الدكتورمحمد صديق مطالب بالإعتذار للرأي العام لثلاثة أسباب .. أولاً، لم يتحدث بحديثه – غير المسؤول – عندما كان في منصبه بحيث يكون الحديث (رسمياً)، وغير قابل للنفي .. ثانياً، تراجع عن حديثه – غير المسؤول – خلال فترة زمنية لم تتجاوز الأسبوع، أي بمجرد إحساسه بأنه شغل الناس والصحف .. ثالثاً، وهذا هو المهم، لم تجد لجنة وزارة العدل – التي جمعت في عضويتها الخبراء والعلماء والسلطات والمعامل – تلك النفايات والحاويات التي تحدث عنها .. وعليه ، الدكتور صديق كما تراجع عن حديثه سريعاً، فليعتذر أيضاً سريعاً.. علماً بأن الإعتذار النبيل والصريح أيسر و أفضل من ( التراجع).. !!

:: وفي الخاطر، قبل خمس سنوات، صدرت بعض الصحف بخبر عن تورط ( 30 وزير) في إستجلاب نفايات إلكترونية بغرض دفنها في البلاد، ثم نسبت الحدث والحديث لما وصفته بالخبير العالمي البروفيسور نزار.. وتم فتح البلاغات في الصحف وتحرت السلطات في الأمر.. ثم تفاجأ الجميع بأن البروفيسور نزار الملقب بالخبير العالمي محض شاب سوداني لم يكمل تعليمه ويمتهن بيع الموبايلات – وإكسسواراته – بسوق أمدرمان.. وكان هذا من نماذج النشر غير المصحوب بتحري الدقة..والصحف لاترتكب الخطأ إلا في حالتين.. تخطئ في إختيار المصدر المناسب والمختص بحيث يكون المصدر من واد والحدث في ( واد آخر) .. أو حين يتم إستغلاها من قبل مصادر مسؤولة ..!!

:: وفي واقعة مروي والشمالية، يُمكن تصنيف الدكتور محمد صديق بالمصدر المسؤول والمختص، وذلك لإعتبار التخصص و(المنصب السابق).. ولذلك نقلت الصحف حديثه – بثقة ومسؤولية – وهي مطمئنة .. ولم تكن تعلم بأنه محض (كلام ساكت)، وقابل للتراجع خلال أسبوع وللنفي خلال أسابيع .. ومع ذلك، الصحف الناقلة لحديث هذا المصدر المسؤول هي التي دفعت ثمن النقل في النيابات المحاكم .. وهذه الصحف أيضا تستحق الإعتذار .. والمطلوب تفعيل مواد نشر وبث الكذب الضار في أوساط المسؤولين وكبار القوم، قبل الصحف .. فالبلاد بلاد لا تنقصها الكوارث والمحن و(البلاوي)، بحيث نخلق الخزعبلا ونشغل بها مجالس الناس ..!!