ماذا صنع الحداد
منذ أن بدأت في كتابة الأعمدة الصحفية في دولة قطر وبيني وبين الراقصات الشرقيات ما صنع الحداد، وعلى ذمة باحث مصري مستهبل في التراث والأمثال تعود حكاية الحداد هذه إلى أن أحد رجال العرب في قديم الزمان كان متزوجا من امرأة جميلة (أو وحشة الله أعلم – بس نخليها تمشي جميلة علشان القصة تبقى مقبولة)، المهم في يوم من ذات الأيام حصل شيء مش ولا بد من الزوجة مع زوجها.. ضايقته جدا في الكلام… يمكن!!! أو فتحت معاه الكلام في موضوع هو مابيستظرفهوش- الله اعلم.. أو طلبت منه مصروف البيت مع انهم آخر الشهر ولسه ما قبضش الراتب من شيخ القبيلة… ربما.. أو قالت له ان العيال عايزين يغيروا موديل الناقة اللي عندهم ويشتروا ناقة فُل اوبشنز… يجوز، أو قال لها اطبخي لنا النهار دا لحم بعير ولقى اللي على السفرة عدس وكُشري.. احتمال.
ماحدش من رواة التاريخ في هذه الحقبة السحيقة ذكر هذه الواقعة بالتفصيل.
لكن الموثق تاريخيا أن الزوج هاج وماج وانتفخت أوداجه من الغيظ وقال لها بيني وبينك ما صنع الحداد، والموثق تاريخيا (أيضا) أن المدام -اقصد الزوجة- سمعت كلامه باستغراب… بس ما حطتش في بالها، وقالت في نفسها: يعني هو ايه اللي هيصنعه الحداد؟ هيصنع سيف حديد علشان يبقى بيني وبينه حد السيف؟ مش ممكن… هو راجل متهور آآآ لكن مش للدرجة دي! هل هيصنع درع حديد يقيه شر التعامل معي؟؟؟ مفيش درع يقاوم تسلط لساني (ده كلام المدام).. هل مثلا هيصنع سور حديد يضعه حائل بيني وبينه؟ يوريني شطارته ويعملها… ثم لو عملها مانا برضه هاسلط عليه لساني اللي زي المبرد. هل هيعمل له كاتم للصوت من الحديد (سدادة حديد يحطها في اذنيه علشان مايسمعش كلامي)؟ مش مشكلة… الحديد موصل جيد للصوت وكلامي هيوصل له هيوصل له.
في النهاية المدام قالت لنفسها يا خبر النهار ده بفلوس بكره يبقى ببلاش (ده موثق تاريخيا برضه… مع انها قالت الكلام ده في سرها بس يظهر مؤرخين تلك الحقبة كانوا عالمين ببواطن الأمور)، وقالت في نفسها أيضا: بس انا عارفاه.. ده جوزي مايستغناش عني ابدا ولا يقدر على بعدي ابدا.. الراجل (بطل القصة الهمام) خرج من الدار من غير ما يقول رايح فين، والمدام قالت انه هيقعد زي عوايده على الكوفي شوب بتاع قبيلة بني كليب، أو تحت سقيفة بني خزيمة يشربوا النارجيلة ويلعبوا الدومينو الذي سيفسد اخلاقهم كالعادة (هذه الفقرة غير موثقة تاريخيا… لكن تمشي مع السياق… لكن اللي جاي كله موثق تاريخيا).
المهم، أخينا ذهب إلى الحداد وطلب منه يصنع له «شيء ما»، وبعد ساعات، وقرب مغيب قرص الشمس وراء الشفق الأصفر، الراجل رجع البيت ومعاه لفة كبيييييييرة والمدام سألته: انت جايب لي هدية تصالحني؟؟ بص لها شذرا ولم ينبس ببنت شفة (يعني ما نطقش ولا كلمة)، وقعد يفتح في اللفة، طلع ان في اللفة قرص كبييييير من الحديد مقعر الشكل (عامل زي طبق الدش أو نص برميل)، ومعاه دراع طويلة من الحديد (زي عصاية الطبلة أو الدرامز)، ثم نادى الراجل الولد ابنه الكبير، وقال له: اضرب ع البتاعة دي بدراع الحديد بكل قوة، وبدأ الواد يدق في البتاعة والراجل ماشي، لغاية ما وصل نقطة ما عادش يسمع فيها صوت الضرب، فنصب خيمته، وحمد الله وولع سيجارة الجمل (كاميل)، وبقى مبسوط لأنه ما عاد يسمع صوت المدام.
وترجم الكلام أعلاه إلى الفصحى وستجده متطابقا مع ما جاء في الكتب القديمة عما صنعه الحداد، وباكر ان شاء الله نرجع إلى الراقصات.