جمال علي حسن

رشاوى الجنائية.. ركلة لجثة ميت


قبل أن تكشف الصحافة الغربية مؤخراً عن فضيحة رشاوي رئيسة المحكمة الجنائية الدولية، كانت تلك المحكمة قد فقدت مصداقيتها والثقة في عدالتها ونزاهتها ولم تكن تحتاج لفضيحة جديدة تفعل بجثتها فعل الضرب على الميت..
ولا نقول هذا من منطلقات سياسية أو عاطفية أو لأننا سودانيون ولم نقبل ملاحقة المحكمة للرئيس السوداني.. فقد طالعت العام الماضي مقابلة صحفية بصحيفة الأيام البحرينية مع القاضية الأردنية تغريد حكمت وهي أول امرأة عربية ترأست المحكمة الجنائية الدولية قبل أعوام ..
وكانت أبرز عناوين حوار الصحيفة مع تغريد حكمت (الجنائية الدولية مسيسة وتتحكم فيها مصالح الدول العظمى).. وفي تفاصيل الحوار تحكي تغريد الرئيسة السابقة للمحكمة عن تجربتها مع المحكمة الجنائية وتقول في نص الحوار إن هذه المحكمة مسيسة وغير مستقلة وتتحكم فيها مصالح الدول العظمى، وجرى استغلالها في قضية الرئيس السوداني عمر البشير، وهو ما واجهته الدول العربية برفض قرار توقيفه في قمة الدوحة عام 2009، وتتحدث تغريد عن أسباب قيام مجموعة من الدول بسحب توقيعها على اتفاقية روما وهي الولايات المتحدة وروسيا والهند والصين ومصر وإسرائيل، وبررت الولايات المتحدة وإسرائيل انسحابهما من اتفاقية روما خشية وقوع بعض أفرادها تحت طائلة المحاكمة الجنائية، كما حصلت الدولتان على حصانة قضائية لجنودهما باتفاقيات ثنائية مع الدول الموقعة على الاتفاقية، فضلا عن استخدام الفيتو لوقف إحالة القضايا.
وعن قضية البشير تقول إن الإحالة لها صفة سياسية خصوصاً من قبل المدعي العام للمحكمة حينها أوكامبو الذي وصل به الأمر بطلب توجيه الاتهام والقبض على الرئيس السوداني عمر البشير دونما توجيه أي اتهام لأي من زعماء التمرد، وهو ما يعكس الانتقائية والتسييس لممارسة المحكمة الجنائية الدولية، وبعد ذلك أصبحت الدول العربية أكثر تخوفاً وقلقاً من المحكمة الجنائية بعد تداعيات قرار المدعي العام ضد الرئيس السوداني ودعت أصوات رسمية وشبه رسمية وبرلمانية الدول العربية لعدم الاستجابة لقرار المدعي العام وبرز ذلك في مؤتمر قمة الدوحة 2009 حيث أكد زعماء 21 دولة عربية دعمهم للرئيس السوداني ورفض قرار المحكمة .
وفي ردها عن سؤال الصحيفة: هل المحكمة الجنائية الدولية معيار للعدالة الدولية؟ ترد تغريد عن السؤال بسؤال آخر هو: هل يمكن تطبيق العدالة الجنائية الدولية في سياق دولي تطغى عليه سياسة القوى والمعايير المزدوجة، وهل العدالة الآن عدالة دولية، وهل تستطيع المحكمة أن تعمل بعيداً عن الواقع السياسي ومناورات السياسة ومصالحها. الجواب هو: أن المخاوف من تسييس المحكمة بقيت ملازمة لها منذ تأسيسها وحتى الآن.
تبقى المشكلة في الكيانات السودانية المعارضة الغريقة التي لا تزال تراهن على طوق المحكمة الجنائية وتتمسك بقشة واهنة لإخراجها من لج الفشل.
هؤلاء لا يريدون أن يصدقوا أن هذه المحكمة الجنائية الدولية هي أكذب شائعة في عالم العدالة الدولية حتى الآن.
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.