فاشلة وهشة ومهمشة عن جدارة (1)
صار مصطلح الدولة الفاشلة متداولاً على نطاق واسع في السنوات الأخيرة، وهي الدولة التي لا تملك مقومات وعناصر الدولة من مؤسسات وقوانين وأعراف واستقرار، وليس لمواطنيها حقوق صريحة، لعدم اهتمام الحكومة بأمور التعليم والصحة والمعيشة، لأنها مهتمة فقط بأمن أعضائها، وليس لها واجبات محددة سوى ممارسة السلب والنهب والسحل، ومن ثم فإن إحساس أبناء وبنات الدول الفاشلة بالولاء والانتماء إلى الوطن ضعيف، بل يعتبر كثيرون منهم (الوطن) نوعا من البلاء يجب التخلص منه بالهجرة إلى بلدان ناجحة، (في تقييم العام الماضي – 2015 – صارت تلك الدول توصف بالـ«هشة» وهي كلمة أقوى من فاشلة، لأنها توحي بأن ذلك الصنف من الدول مرشح للتفتت- اليمن والسودان والصومال والعراق «نموذجا» كما جاء في التقييم- التقرير الذي صدر في مطالع يوليو الجاري)
ولا يحتاج المرء إلى الكثير من الأدلة لإثبات أن الكثير من الدول العربية تتمتع – عن جدارة – بعضوية نادي الدول الفاشلة، ولأن الحديث عن عيوب ونواقص الدول العربية يعتبر (خيانة وعمالة)، لأن بني العرب أدمنوا خداع النفس والعيش في عالم وردي افتراضي، فسأقدم لك أمثلة لدول غير عربية لها باع طويل في مجال الفشل وكثرة الجدل وقلة العمل، ولأن هذه الزاوية لا تخوض عادة في المواضيع السياسية، لأن كاتبها جبان بحكم أنه صاحب عيال، ولأنها – أي الزاوية – لا تميل إلى الخطابة المباشرة والحذلقة السياسية، فإنني سأورد فقط أمثلة على فشل تلك الدول: نبدأ بأفغانستان التي صارت واحة للديمقراطية وحقوق الإنسان بعد سقوط حكم طالبان ووقوعها تحت سيطرة الأمريكان الذين أباحوا لعب الكنكان وتقصير الفستان وعمروا حديقة الحيوان. بقيادة الطرطور حامد كرزاي، وكانت ألمانيا وبريطانيا قد تبرعتا بمبالغ طائلة لتطوير كرة القدم في أفغانستان، بل تم تشكيل فريق كرة نسائي، وفي ذات مرة اصطحب مدرب منتخب أفغانستان الوطني الفريق في جولة أوروبية كي يكتسب اللاعبون مهارات من الاحتكاك باللاعبين الأوروبيين، ولكن ما إن احتكت أقدام اللاعبين بأرض إيطاليا حتى صاروا (فص ملح وداب). يعني اختفوا نهائيًا عن الانظار ولم يعد «الدبان الأزرق والجن الأحمر» يعرف طريقه إليهم. لماذا هرب فريق بأكمله من بلد تحول إلى واحة للديمقراطية وحقوق الانسان لدرجة أن فتاة أفغانية اشتركت قبل أعوام قليلة في مسابقة ملكة جمال العالم؟!! كلك نظر ومفهومية!
وبعد اختفاء المنتخب الوطني الأفغاني لكرة القدم في إيطاليا بفترة قصيرة، وصل إلى مدينة برادفورد في إنجلترا فريق كرة قدم من زيمبابوي، وفي اليوم المحدد لمباراة استعراضية – ودية، نزل الحكم أرض الملعب ودخل الفريق الانجليزي وراءه وهو شديد التوتر لأن الفريق الزيمبابوي يضم لاعبين على درجة عالية من المهارة، ولكن لم يدخل الملعب سوى 3 لاعبين من زيمبابوي، فصاح فيهم مدربهم: وين باقي نفرات مال تيم؟ أبلغه اللاعبون الثلاثة بأنهم لم يروا زملاءهم منذ أن دخلوا الفندق وبحثوا عنهم واكتشفوا أنهم تركوا غرفهم بعد دقائق من دخولهم إليها، حاملين معهم حقائبهم. وأذكر ما حدث عندما اقيمت في مانشستر بإنجلترا دورة ألعاب الكومنولث، ومن بين 58 لاعبًا من نيجيريا وغانا لم يظهر في الملاعب سوى خمسة.
وفي عام 1998 اختفى منتخب الكرة الأثيوبي بأكمله خلال توقف طائرتهم في روما!! دعونا نقم بـ(تخريمة) سريعة إلى دولة عربية فعندما هزم النادي الأهلي المصري نده التقليدي الزمالك طلق رجل زوجته لأنها أهلاوية وهو زملكاوي. وقبلها طلق رجل زوجته لأنها تأخرت في إعداد الشاي له لانشغالها بمتابعة حفل غنائي متلفز لكاظم الساهر. وعندنا في السودان تبرع رجلان ثريان بمليارات الجنيهات لناديي الهلال والمريخ لإقامة ملاعب ومكاتب ومساطب، ولم نسمع بأن أيا منهما بنى عيادة أو مدرسة.