إذا سقطت الإنقاذ …!!
* درج البعض على القول بأن (ذهاب) الانقاذ سيؤدي الى إشاعة الفوضى في البلاد واتساع دائرة الاحتراب وسفك الدماء، وهم لا يدرون انهم بهذا القول يوجهون اتهاماً صريحاً وواضحاً لنظام الانقاذ الذي ظل يحكم منذ 27 عاماً بالفشل في حماية البلاد وتأمين الحياة الآمنة للعباد وتوفير المناخ المناسب لمن يحكم بعدها، غض النظر عن الطريقة التي جاء بها، بعيداً عن الفوضى والاحتراب، تماماً مثلما ما حدث عندما استولت الانقاذ على الحكم بانقلاب عسكري، فلم تشتعل الفوضى ولم يبادرها الناس بالحرب وسفك الدماء!!
* لم يبادرها الناس بالحرب، ليس لأنها كانت بالقوة التي لا يمكن لأحد أن يهزمها أو يقاومها، أو لأن الشعب أحبها.. ولكن لأن الظروف التي كانت سائدة وقناعات الناس وقتذاك لم تكن تسمح بالاقتتال وسفك الدماء وتفكيك البلاد وإغراقها في الفوضى والدماء من أجل سلطة فانية لا بد أن يأتي يوم تزول فيه، مهما طال الزمن، وذلك بسبب التسامح الذي نشأ عليه السودانيون واتخذوا منه منهجا لحياتهم، ولم تعمل الحكومات التي حكمت البلاد، قبل أو بعد الاستقلال، عسكرية أو مدنية، أن تغيره أو تستبدله بمنهج آخر يرسخ التمييز والغبن والتشرذم والاقتتال وسفك الدماء، وعندما جاءت (الانقاذ) وجدته قائما واستفادت منه لترسيخ سلطتها، بل هو الذي أغراها في المقام الأول للاستيلاء على السلطة، ولو كان النظام الذى نشأ عليه السودانيون قائما على التشرذم والعنف والاقتتال، لما تجرأت هي أو غيرها، بل لما فكرت في الاستيلاء على السلطة والاستئثار بها دون بقية أهل البلاد، وإلا لغرقت البلاد في الفوضى والاقتتال!!
* عندما يحاول (الانقاذيون) اخافتنا بأن سقوطهم أو تخليهم عن الحكم سيُغرق البلاد في الفوضى والدماء، وهو ما لم يحدث عند سقوط الحكومات السابقة كلها مدنية او عسكرية، أجنبية أو وطنية، فإنهم بذلك يتهمون أنفسهم بارتكاب الكثير من الاخطاء الجسيمة وتغيير منهج التسامح ووحدة المشاعر والاحساس بالانتماء الى وطن واحد وهوية واحدة هى الهوية السودانية، الى شئ عكس ذلك، يستبدل التسامح بالعداء ويرسخ الغبن في النفوس، ويقود الى التشرذم والتفكك والاقتتال واغراق البلاد في الدماء عندما تلوح في الأفق أية فرصة مهما كانت ضئيلة، في وجود الانقاذ أو في غيابها، للانقلاب على الانقاذ، وهو ليس مما يُفرح أهل الانقاذ، وإنما يجب أن يحزنهم ويقض مضاجعهم، لانه لا يعنى سوى شئ واحد هو ان (الانقاذ) فشلت فشلت ذريعاً في الحفاظ على النهج السلمي للشعب السوداني الذي سمح للانقاذ بالاستيلاء على السلطة بثلاثمئة عسكري فقط قبل 27 عاماً بدون أن يقاومها أحد، بينما صارت الآن تسخّر كل امكانيات الدولة لحماية سلطتها، وتخشى على نفسها من السقوط، لسوء ما يمكن أن يحدث لها!!
* لقد سقطت من قبل حكومات وحكام وعاشوا بين الشعب مواطنين عاديين، لم يمسهم أحد بسوء، بل ندم البعض على سقوطهم، ثم اختارهم الله الى جوارهم وذرف عليهم الكثيرون الدموع، فلماذا تخشى الانقاذ على نفسها من السقوط إن لم تكن فعلت ما تخشى على نفسها منه، ولماذا تظل تردد بأن سقوطها سيغرق البلاد في الفوضي والدماء، إذا كانت واثقة بأنها فعلت الصواب وحافظت على القيم السودانية واحساس الشعب بالانتماء لهوية سودانية واحدة، إلا إذا كانت قد فشلت في ذلك .. وعليها في هذه الحالة أن تنتهز الفرصة الأخيرة بتوافق االكثيرين على الحوار وتعلن بكل وضوح أنها فشلت، وتعتذر أمام الجميع وتطلب من الشعب السماح، وإلا فعليها أن تتنظر هي، وليس غيرها، ما تُروّج له!!