بصات الوالي الخسرانة ووصية ما بعد الموت
هل سمعتم باستثمار في مجال المواصلات في السودان تكبد مثل هذه الخسائر الكبيرة التي تكبدتها شركة مواصلات ولاية الخرطوم؟ مع أن هذه الشركة التي أظهر تقرير المراجع ﺍلقومي لولاية ﺍلخرطوم ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﻡ 2010 ﻭﺣﺘﻰ يونيو 2015ﻡ، ﻋﻦ ﺟﻤﻠﺔ ﺧﺴﺎئرها ﺧﻼﻝ ﺍلأعوام (2013-2010ﻡ) والتي بلغت (77) مليونا و(424) ﺃلفا و(441) ﺟﻨﻴﻬﺎً، كانت هذه الشركة قد تلقت عشرات البصات في أسطولها كمنحة من الحكومة الصينية، أي أن حسابات هذه الشركة في السوق لا تشابه حسابات أي استثمار خاص أو شركة خاصة من شركات البصات العاملة في السودان .
لكنه المال السائب الذي يتم نثره كدقيق فوق شوك، هذا المال السائب هو الذي أتاح المجال والفرصة لكل هذه التجاوزات والمخالفات الإدارية والمالية التي تسببت في انهيار شركة مواصلات عامة استوردت حوالي ألف بص للعمل في ولاية الخرطوم .
الفساد والعشوائية وعدم التخطيط والدراسة لمشروعات تدفع فيها خزانة الدولة ملايين من الجنيهات بصفة الشراكة أو صفة الامتلاك ..
بصات سكند هاند، وأخرى سيئة الصنع وضعيفة المواصفات وقعت شركة المواصلات عقودات شرائها وجعلتها تعمل بدون خطة واضحة ونظام محكم كالذي نراه في كل العالم.. نظام التشغيل الذي لا يكلف شيئاً أمام من استطاع أن يحضر البصات نفسها، أحضرها على عجل ثم هرول مسارعاً للبحث عن مينشيتات وعناوين بارزة قد تحقق له صيتاً إعلامياً لكنه صيت سريع الذوبان وسريع الزوال بسبب عدم التخطيط والدراسة .
نعم أحضروها مهرولين نحو الإعلام دون أن يمهلوا أنفسهم فرصة لاستكمال وضبط وإحكام صفقتهم نفسها، الصفقة التي لا تتضمن خدمات ما بعد البيع وليس في بالها ولا في خيالها ترتيبات صيانة هذه البصات، التي باشرت عملها بلا ورش مجهزة ولا مخزون للاسبيرات التي تحتاجها ولا هم يحزنون .
أية عشوائية تلك التي كانت شركة المواصلات ومن يقف خلفها يمارسونها؟، وأي مستوى من الغباء الاقتصادي كانت تدار به هذه الشركة المنهارة وهي تغفل عن قضية الصيانة فيتناقص أسطولها يومياً بشكل مذهل فتمتلئ مقبراتها هنا وهناك بقبور البصات المتعطلة البايظة؟!..
الشركة الخاسرة التي استوردت هذه البصات وركزت على تشغيلها وليس امتلاكها تحولت خسارتها إلى (ميتة وخراب ديار) فملاك البصات تحملوا سوء عملية التنظيم والتشغيل فضلاً عن تحملهم لسوء مواصفات هذه المركبات فكانت خسارتهم هي (خراب ديار) أما الحكومة فقد التزمت ضمن عملية التشغيل بأن تقوم وزارة المالية بالولاية ووزارة البنى التحتية بمد الشركة بفارق تعرفة المواصلات، فكان هذا هو الموت والاستنزاف غير المجدي.. فبرغم كل ذلك تعسر السداد وتراكمت المتأخرات وتوقفت البصات واكتفى المراجع في تقريره بتوصية ما بعد الموت وما بعد سقوط الفاس في الرأس توصية لطيفة أو توجيه يدعو في المستقبل إلى عمل ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻷﻱ مشروع قبل ﺍلشروع ﻓﻴﻪ ﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺍلجدوى ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﻪ ..!
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.