الطاهر ساتي

تدابير جديدة ..!!


:: كانت الفتاة تخرج من منزلها بعد العصر ثم تعود بعد منتصف الليل .. وحذًرها والدها ذات عصر – من هذا السلوك المُشين – ثم أمرها بالعودة الى المنزل قبل المغرب.. أستلمت الفتاة الأمر والتحذير، ثم خرجت في موعدها .. ولكنها عادت قبل مغرب اليوم التالي، بمظان هكذا الإستجابة.. وصارت القصة مثلاً شعبياً يَضرب بين الناس، ( منعوها الحوامة، باتت برة البيت).. وهذا حالنا مع وزارة الثروة الحيوانية ..!!

:: لقد أعلن موسى تبن وزير الثروة الحيوانية، لصحف الخميس الفائت، عن تدابير وضوابط جديدة لتصدير إناث الماشية إلى الخليج .. وهذا يعني أن هناك تدابير وضوابط (قديمة)، ولم تعد ذات جدوى، فأستبدلها الوزير بتدابير وضوابط (جديدة)، لتكتسب التخريب مشروعيته .. في الوضع الراهنا، تصدير إناث الماشية بأي تدابير – جديدة كانت أو قديمة- نوع من أنواع التخريب .. و إذا عجز مجلس الوزراء عن منع هذا التخريب، فعلى البرلمان أن يتدخل بحيث لا يكون – بالصمت – شريكاً في التخريب ..!!

:: فالسعودية ليست من الدول المنتجة لحد تصدير المواشي، ولا تملك من المراعي ربع مراعي السودان.. ومع ذلك، كان الأمر قبل ثلاث سنوات ما يلي نصاً : ( صدر تعليمات من المقام السامي إلى الجهات الحكومية والمنافذ الجمركية تقضي بمنع تصدير إناث المواشي من أبقار وإبل وخيول وغيرها، مع ضرورة قيام وزارة الزراعة بأخذ تعهدات على تجار الماشية بالتقيد بالتعليمات الصادرة بهذا الخصوص مع تطبيق المخالفات بحق المخالفين)، هكذا كان الأمر بالسعودية.. أمر ملكي يحظر تصدير إناث كل الأنعام، بما فيها الخيول..!!

:: والسبب كما جاء على لسان وزارة الزراعة : ( هو الحفاظ على سلالة الخيول و الأبقار والإبل والضأن والماعز، ولكي لا ينتج التهجين مع سلالات أخرى، وأن القرار جاء من قبل المقام السامي يقضي بمنع تصدير إناث المواشي حفاظا على الصفات الوراثية لها، وإن تصديرها إلى خارج السعودية قد ينتج عن تهجينها مع ذكور من سلالات أخرى، فتظهر صفات جينية جديدة لتلك المواشي).. هكذا تحتكر الدول الواعية سلالة أنعامها وتحمي صفاتها الوراثية حتى ولو كانت من (الدول المستوردة)، ولا تعتمد عليها في إقتصادها القومي..!!

:: والسعودية التي تخشى تهجين سلالة أنعامها سجلت صفاتها الوراثية في الملكية السلالية.. وما يعلمه موسى تبن أن تسجيل الصفات الوراثية للأنعام في الملكية السلالية بجنيف يمنع نقل الصفات الوراثية من دولة إلى أخرى .. ولكن للأسف، صفات أنعامنا الوراثية لم يتم تسجيلها في تلك الملكية لعدم توفر الميزانية كما قالت الوزارة قبل خمس سنوات، ولاتزال عرضة للسرقة والتهجين .. وكان على الوزير موسى تبن تسجيل الصفات الوراثية للمواشي السودانية في الملكية العالمية أولاً، ثم بعد ذلك يواصل التخريب وتجفيف المراعي – من المواعين المنتجة – بالتدابير ( القديمة والجديدة) ..!!

:: علماً بأن قرار حظر تصدير الإناث بُعمر (سودان ما قبل الإنفصال)..وغفر الله للوزير الأسبق – محمد أحمد أبوكلابيش – الذي أقنع مجلس الوزراء قبل خمس سنوات بإلغاء هذا الحظر التاريخي بتبرير : ( هي لا تلد في مناخ غير مناخ السودان، ولن تنتج في دول الخليج)، هكذا دافع أبوكلابيش عن القرار الكارثة .. وقد لاتلد إناث أنعامنا في مناخ الخليج، وهذه ليست حقيقة علمية، ومع ذلك فليكن، ولكن تصدير الإناث يدمر الإقتصاد الوطني في المستقبل القريب.. والسادة بوزارة الثروة الحيوانية يعلمون ذلك.. ولكنهم – كما قال الطيب صالح – يحبّون وطنهم وكأنّهم يكرهونه.. ويعملون على إعماره – بالتدابير الجديدة والقديمة – وكأنّهم مسخّرون لخرابه..!!