الطاهر ساتي

القضايا العالقة ..!!


:: يوم أمس الأول، كما أنهارت مفاوضات السلام بين الحكومة و الحركات المسلحة بأديس، انهارت – أيضاً – مفاوضات أخرى بين محلية الخرطوم و الأستاذ عبد الحليم .. عفواً، فالمفاوضات الداخلية شغلتني عن متابعة المفاوضات الخارجية .. وكما تعلمون – و تؤمنون – فأن المرء في بلادنا حُر في إختيار المفاوضات التي تستحق المتابعة .. وكمجرد نموذج يعكس الحال العام، ليس هناك ما يمنع سرد وقائع مفاوضات عبد الحليم .. فالأستاذ عبد الحليم محمد الحسن، مدير مدرسة ود عجيب بالعزوزاب، ظل يفاوض محلية الخرطوم – منذ بداية العام الدراسي – في بعض القضايا العالقة، حتى إنهارت المفاوضات ..!!

:: ( السيد المدير التنفيذي لمحلية الخرطوم، السلام عليكم ورحمة الله، الموضوع : متأخرات مياه و كهرباء .. بالإشارة للموضوع أعلاه، نُفيدكم بأن التيار الكهربائي مقطوع عن المدرسة من بداية العام الدراسي، وكذلك المياه.. وذلك لحين سداد متأخرات فواتير.. وهي مبلغ قدره ثمانمائة وثمانية وخمسون جنيها فقط لاغير، (858 جنيه)، نرجو التصديق بها – مرفق الفواتير – لأن المدرسة تقع في حي ضعيف ولم نتمكن من تحصيل المبلغ.. وجزاكم الله خيرا.. عبد الحليم محمد الحسن، مدرسة ود عجيب الأساسية بنين).

:: هكذا خارطة الطريق التي رسمها وسلكها الأستاذ عبد الحليم لمعالجة قضايا المدرسة العالقة، وهي مبلغ يعادل خمسين دولار تقريباً، بحيث تتوفر المياه والكهرباء في المدرسة .. وكانت الجولة الأولى مع المدير التنفيذي للمحلية، حيث إطلع سيادته على قائمة القضايا العالقة ثم وجه مدير الشؤون المالية والإدارية بمعالجة القضايا .. فأطلع مدير الشؤون المالية والإدارية على القضايا وتوجيه المدير التنفيذي، ثم كتب بالنص ( هذا ليس من إختصاصنا)..فعاود عبد الحليم في عقد جولة مفاوضات ثالثة مع المدير التنفيذي..!!

:: فأطلع المدير التنفيذي على ورقة القضايا و توجيهه و رد مدير الشؤون المالية على التوجيه، ثم أصدر توجيها آخر لإدارة التنمية بالمحلية لمعالجة القضايا العالقة، وهي مبلغ يتم تحصيله من ثلاثة منازل فقط كعوائد أو غيرها من الجبايات .. ولم يكن هناك حلاً أمام عبد الحليم غير عقد جولة مفاوضات رابعة مع إدارة التنمية بالمحلية للوصول إلى حلول عادلة لإستقرار المدرسة، ولكي لا يهلك التلاميذ بالعطش و(السخانة) .. وبعد حوار ونقاش وتلاسن بين الطرفين، حولت إدارة التنمية قائمة القضايا العالقة إلى مكتب المعتمد (شخصياً)..!!

:: فاستبشر اعبد الحليم بهذا الترفيع خيراً.. لولا عظمة القضايا العالقة لما تم رفع مستوى الوفد الحكومى المفاوض مع عبد الحليم إلى مستوى المعتمد (شخصياً).. أو هكذا فكر عبد الحليم .. ولم يقرر رفع سقف المطالب – ولو تكتيكياً – بحيث تكون في مستوى المعتمد، بل ركز على المطالب الإستراتيجية ( موية وكهرباء).. وإنعقدت جولة المفاوضات الخامسة في مكتب مدير مكتب المعتمد (شخصياً).. وبعد ساعات من الحوار والنقاش حول قضايا فواتير مياه وكهرباء المدرسة وكيفية توفير مبلغ الفواتير (858 جنيه)، قرر مدير مكتب المعتمد رفع الجلسة وتحويل ملف القضايا العالقة إلى المدير التنفيذي مرة أخرى ..!!

:: وهكذا.. منذ بداية العام الدراسي، وحتى مساء الأحد الفائت، لم تثمر جولات التفاوض حول القضايا العالقة بين إدارة مدرسة ود عجيب و محلية الخرطوم .. إدارة المدرسة ملتزمة بقرار مجانية التعليم، ولن تفرض رسوماً على التلاميذ بحيث يكون العائد قيمة فواتير المياه والكهرباء .. ولذلك، لم ترفض بداية جولات أخرى مع المدير التنفيذي، حسب توجيه مدير مكتب المعتمد..ولكن أطراف التفاوض لم تحدد موعد الجولات القادمة .. مؤجل إلى أجل غير مسمى .. وليس مهماً أن يدفع التلاميذ والمدرسة ثمن هذا التأجيل، كما يدفع الشعب والبلد ..!!