ضياء الدين بلال

سيد الخطيب ..(الباب البجيب الريح)!

[JUSTIFY]
سيد الخطيب ..(الباب البجيب الريح)!

كعادته في حسن اختيار مواضيع حواراته من حيث القضية والشخص والتوقيت، أفلح الصديق / الطاهر حسن التوم في إقناع الأستاذ/سيد الخطيب بالجلوس للدفاع عن الخطاب الأخير للسيد رئيس الجمهورية المشير عمر البشير، باعتبار ما شاع على نطاق واسع بأن الخطيب هو الذي صاغ الخطاب.

والخطيب بشجاعة وجرأة (أولاد مدني) رضي بمواجهة كل ما يثار من انتقادات وملاحظات على لغة وصياغة الخطاب، واستبسل الرجل في البرنامج بالذود عن الخطاب من حيث اللغة والمضمون.

ما كان يحتاج لاعتراف نبيل من قبل سيد الخطيب ، أن الحديث عن اللغة والصياغة صرف الرأي العام عن أهمية مضمون الخطاب، لذا انصرف الكثيرون عن البحث والنظر في المحتوى والمضمون لمطاردة الشخص الذي صاغ الخطاب بتلك الطريقة الغرائبية واختبأ بين السطور.

طوال وجود الرئيس البشير في السلطة لمدة تقارب الربع قرن وفي كل خطاباته المكتوبة لم يسأل أحد عن الشخص الذي قام بصياغة أي من خطابات الرئيس، لذا بروز هذا السؤال بشكل كثيف ومن جهات متعددة يصعب تواطؤها على موقف مشترك يدل على وجود إشكال عميق في لغة وصياغة الخطاب.
كان على الأستاذ المحترم سيد الخطيب أن يجيب بوضوح حينما وجه إليه الطاهر سؤالاً مباشراً:

أشار البعض إليك باعتبارك من صاغ خطاب الرئيس الأخير؟
كانت إجابة الخطيب: لم توكل إليَّ صياغة الخطاب (….)هناك عمل ضخم وراء الخطاب من شارك في إعداد الجوهر عدد كبير وأنا أحدهم ومن طبيعي أي رئيس هناك من يصوغ له الخطاب و ليس هناك أهمية في شخص من صاغ الخطاب.

صحيح ما ذهب إليه الخطيب بأن كل رؤساء العالم هناك من يصيغ لهم خطاباتهم، ولكن عادة ما تتم مثل هذه الصياغات باحترافية عالية تفحص كل كلمة من كل جهات معانيها.
ولا تنتهي المهمة باختيار الكلمات بل تمضي إلى فحص ظلال المعاني وغسل ما علق بالكلمات من آثار سالبة في استخدامات سابقة أوصياغات مغايرة.
والأمر لا يقتصر على ذلك بل يذهب إلى تحديد طريقة نطق الكلمات لتعطي الدلالة المطلوبة وما يصحبها من تعابير حركية أو إشارات بصرية رامزة تعمق المعنى وتحقق الغرض.

كان على الأستاذ/سيد الخطيب أن يتحلى بشجاعة أكبر في تحديد من صاغ الخطاب، هو أوغيره؟.. وألا يحيل السؤال المباشر إلى غموض معمم.
السؤال لم يكن عن من أعد الأفكار التي جاءت في الخطاب ولكن عن من صاغ الخطاب في شكله النهائي؟!
وإذا لم يكن الخطيب يستشعر حرجاً ما، في نسبة الصياغة إليه أو إلى غيره، لما امتنع عن ذكر الاسم!
أكرر ما قلته من قبل:

محتوى الخطاب مهم وفيه الكثير مما هو جديد إن لم يرق للوصف بالمفاجأة ،ولكنه صيغ بلغة معقدة ووعرة، جمل طويلة أرهقت الرئيس والسامعين، وكلمات ضلت الطريق إلى معانيها في فضاء النص.
كان من الأفضل أن تقدم الأفكار التي جاءت في الخطاب عبر طريقة الرئيس في استخدام أسلوب السهل الممتنع وهو أسلوب يميز الرئيس عمر البشير عن الكثير من السياسيين ويجيده ببراعة ويجعل ما يقدمه من أفكار وآراء مفهومة للصفوة والعوام دون تعقيد.
عزيزنا الفاضل/سيد الخطيب
معرفتي بك كصحفي وشاعر ومثقف تنفي أن يكون غموض الصياغة مترتب عن عوز تعبيري أوقصور معرفي وترجح أن يكون الغموض تعبيراً عن حالة نفسية متعلقة بغبش الرؤية أو هو غموض دلالي موظف في نص الخطاب لتمرير متغيرات وأفكار جديدة لا تحتمل جهات عديدة خروجها عارية في هذا الوقت!
[/JUSTIFY]

العين الثالثة – ضياء الدين بلال
صحيفة السوداني