الطاهر ساتي

قصة موقفين ..!!


:: بزاوية الأمس – وكنموذج فقط – عكست واقع من وقائع مجانية التعليم بمدرسة ود عجيب بنين بالعزوزاب .. أُكرر، كنموذج فقط لاغير، فالحال العام لهذه المجانية – بكل مدارس البلاد – محض شعار و( طق حنك)، أي كما حالها الراهن بمدرسة ود عجيب .. وقلت فيما قلت، بأن المدرسة تعاني من عدم توفر الكهرباء والمياه لعدم سداد قيمة الفاتورة البالغ قدرها (858 جنيه).. وأن مدير المدرسة لا يزال يفاوض المعتمد وسلطات التعليم بالمحلية – منذ بداية العام الدراسي وحتى يومنا هذا – لسداد هذه الفاتورة، لكي لا يفرض رسوما على التلاميذ .. ولم يفلح ..!!

:: ذاك ملخص الزاوية، وهذا رد الفعل الحكومة والمجتمع .. نعم، فالحكومة والمجتمع تجاوباً مع قضية مدرسة ود عجيب لحد الدهشة.. ولكي لا نظلم الحكومة، نؤكد بأنها كانت أسرع من المجتمع في الإنفعال بقضية المدرسة وشكوى إدارتها .. قبل التاسعة صباحاً، أي بعد ثلاث ساعات فقط من توزيع الصحف على المكتبات، تلقى مدير مدرسة ود عجيب – الأستاذ عبد الحليم محمد الحسن – قراراً بالإيقاف عن الإيقاف عن العمل لحين الإستدعاء والتحقيق ثم المحاسبة ..!!

:: هكذا رد الفعل الحكومي، وكان بسرعة البرق ..إيقاف لحين الإستدعاء والتحقيق والمحاسبة، بأمر مدير التعليم بمحلية الخرطوم، والتهمة هي (إفشاء أسرار العمل بالصحف) .. والمُدهش ليس هناك أي عمل بحيث يكون ( سراً) .. لو كان مدير التعليم يعمل – وكذلك السلطات التي فوقه وتحته – لما عجزت إدارة المدرسة عن سداد فواتير قيمتها أقل من خمسين دولار.. ولو كان هذا المدير يعمل – وكذلك الذين وظفوه في هذا المنصب – لما تفرغ مدير المدرسة للبحث عن قيمة تلك الفاتورة الهزيلة – من مكتب مسؤول لي مكتب مكتب مسؤول – منذ بداية العام الدراسي ..!!

:: فمن يستحق التحقيق والمحاسبة – بالإقالة – هو مُرسل خطاب الإيقاف وكل السلطات المسؤولة عن المدرسة، وليست إدارة المدرسة التي تلتزم بمجانية التعليم وتعقد جولات التفاوض مع المسؤولين بالمحلية لتسديد فاتورة قيمتها أقل من نثريات ضيافة يوم بمكتب المعتمد ومن إعتمده ..هل عطش التلاميذ من أسرار العمل، بحيث تكون الشكوى من العطش إفشاءً للأسرار؟.. هذا أو ربما إصطلاء المعلمين والتلاميذ بنار مكاتب وفصول – تفتقر إلى المراوح – صار من أسرار العمل، بحيث يكون عرض حالهم إفشاءً لهذه الأسرار ؟..لقد أخطأ مدير المدرسة بالشكوى من عجزه عن سداد فواتير المياه والكهرباء، إذ كان عليه إغلاق المدرسة وتشريد التلاميذ ثم تحويل المدرسة إلى دار أو مكتب لأحد السلاطين، لترضى عنه السلطات وتحفزه، بدلا عن إيقافه عن العمل ..!!

:: أما المجتمع، فقد كان – كالعهد به دائماً – رائعاً في التجاوب والإنفعال .. الأخ عبد الله محمد الحسن، معد ومقدم البرنامج الأشهر (بنك الثواب)، تبرع بقيمة الفاتورة و ثلاجة للمعلمين .. والأخ طارق الأمين، وفرسان عديل المدارس، تبرعوا بصيانة وتجميل المدرسة.. والأخ محمد لطيف وشباب طيبة برس، جادوا بفيض كرمهم .. والأخ عادل الباز، سيظل أصيلاً وهو يحمل أوجاع الوطن في غربته وينفعل حتى بالتفاصيل ..والأخ موسى علي كوكو و رهط من أصدقاء الزاوية، داخل وخارج السودان.. وإن كانت المساحة هنا لا تسع أسماء كل الأخيار، فأن القلب بسعة محبتهم لوطنهم وشعبهم .. لهم الشكر وهم يمنحوا الحياة الأمل ومعنى العمل المفترى عليه في خطاب الإيقاف، لقد تواصلوا مع إدارة المدرسة بالخير .. !!