زهير السراج

يا حاسدين عذابنا !!


* لم أكن أتصور أن يصل الحسد عندنا إلى الدرجة التي يحسدنا فيها البعض على الفقر والجوع لدرجة أنه يستكثر علينا حتى الماء العكر والخبز الحاف !!
* تخيلوا شخصاً ينعم بكل شئ في الدنيا .. القصور الفخمة والسيارات الفارهة والعلاج في أفضل الدول وما لذ وطاب من الطعام والشراب في سودان النهضة والنفرة والقفزة واخواتها، وبعد كل ذلك يحسد الجوعى المعدمين على وجبة رغيف حاف مع حسوات ماء فقدَ كل صفات الماء المعروفة منذ دخوله إلى خزانات هيئة المياه وحتى خروجه من برميل الكارو ودخوله في كوز صفيح مخروم مروراً بباقة البلاستيك لصاحبها بتاع الموية الباردة !!
* والله لم أصدق حتى قرأت الخبر الذي أوردته صحيفتنا يوم الثلاثاء الماضي (16 أغسطس، 2016 ) على لسان السيد المبجل رئيس المجلس الأعلى للتخطيط الاستراتيجي بولاية الخرطوم مستنكراً على الشعب السوداني إرتفاع نسبة إستهلاكه للماء والرغيف، ولمن لم يقرأ الخبر فها هو مرة أخرى بقلم زميلتنا عازة ابوعوف:
* “كشف رئيس المجلس الأعلى للتخطيط الاستراتيجي بولاية الخرطوم محمد حسين ابوصالح عن نسبة استهلاك غير طبيعية للمياه والخبز، بجانب تزايد النفايات بصورة وصفها بغير الطبيعية، فيما قالت البرلمانية سلوى محمد خلال جلسة المجلس المخصصة لمناقشة تقرير المجلس الأعلى للتخطيط الإستراتيجي للنصف الأول من العام 2016م، أن الإستهلاك غير الطبيعي للخبز والمياه وتراكم النفايات سببه الفعل البشري، واقترحت وضع هدف استراتيجي لتحسين سلوك المواطن عبر المنهج الرباني لجعل سلوكه حضارياً”
* ونتساءل، كم هو يا سيدي متوسط إستهلاك مواطن ولاية الخرطوم أكثر المناطق حضرية في البلاد، من الماء يومياً مقارنة بالإستهلاك العالمي، حتى نتبين صحة ما أفتيت به من أن نسبة إستهلاك المياه في الولاية غير طبيعية، ونتفهم حسد سيادتك لسكان الخرطوم؟!
* المقايييس العالمية تقول أن متوسط الاستهلاك العالمي حوالي 180 لتراً يومياً، بينما يرتفع في البلدان الصناعية الكبرى إلى حوالي 380، ويبلغ في السعودية حوالي 350 لتراً وفي الأمارات وقطر (400 – 500 لتراً)، أما في مصر فحوالي 75 – 100، فكم هي النسبة في الخرطوم والسودان إذا كانت لديك إحصائية سيدي، ولا أعتقد أنك أو أية جهة أخرى لديها إحصائية عن الماء أو أي شئ آخر في السودان، وكل ما نسمعه أو نقرأه من أرقام مجرد تخمينات أو حاجة بالمزاج كده و(زى ما تجي تجي) !!
* تذكرني هذه السبهللية بقصة حكاها لي إداري في أحد الأندية الكبرى عن اللاعبين، وهي “انهم يتفقون قبل المباراة بأن يعطوا خطة المدرب عشرة دقايق، فإذا نفعت نفعت، وإذا ما نفعت كل زول يلعب بطريقتو ” .. وكذلك الأرقام سيدي مدير الاستراتيجية، فكل زول في بلدنا بطريقتو، يقول الأرقام البتعجبو!!
* أما الرغيف سيدي، فلا يخفى عليك أنه الوجبة الرئيسية للشعب، رغم ارتفاع سعره، وصغر حجمه، ولكن لا حل سوى اللجوء إليه لإسكات الجوع، فليس للشعب مقدرة على شراء الهوت دوق والهامبيرجر، ولا حتى موية الفول التي تحتاج إلى موية جبنة وموية زيت، وموية بصل، وهي إضافات غالية الثمن، فلم يبق إلا الرغيف الحاف لتحسدوننا عليه !!
* وأما النفايات، فاسأل عنها والي الخرطوم الذي تعاقد مع شركة تركية لجمعها ونقلها بعد أن اكتشف إن الشركات المحلية لا تعمل ولا يهمها سوى جمع المال، كما قال .. أو ربما كان الخيار الأفضل، كما اقترحت الأخت عضو المجلس التشريعي، تحسين سلوك المواطنين عبر المنهج الرباني، حتى يصير سلوكاً حضارياً، فتتوقف المخابز وتختفي النفايات من الشوارع، وتشفون من الحسد!!