المصحة (نفر) !!!
*بدافع من الفضول وقفت أنظر إليه..
*كان مشغولاً بالنظر إلى عمارة أنيقة أمامه..
*عمارة (تحت التشطيب) كادت أن تلامس أقطار السماء..
*أو تلامس خيوط سحاب كان (تحت التجميع)..
*كل شيء فيه كان طبيعياً عدا نظراته..
*فالتجربة علمتني أن نظرات كهذه توحي باضطراب نفسي (تحت التكوين)..
*وصدق توقعي – بالفعل- حين صاح فجأة (أبوكِ بلد)..
*ثم أردفها بصيحة أشد (ما قادرين ناكل وناس تبني العمارات)..
*ثم ختمها بدندنة هي التي شككتني في سلامة عقله..
*أو في سلامته النفسية وهو الظن الأرجح..
*فغالب السودانيين الآن يرزحون تحت وطأة ضغوط معيشية شديدة..
*وهذه الضغوط تتمخض عنها ضغوط نفسية أشد..
*وبما أن عامة الناس لا يميزون بين المريضين فهم يقولون (مجنون)..
*ودلالة ذلك المقطع الغنائي الذي دندن به صاحبنا..
*فقد طفق يغني بصوت أجش (أنحنا هل جنينا أم عقولنا نصاح)..
*والمجنون لا يعي (مفارقات) ما يفعل..
*أما هو فقد انتبه إلى أنه يحادث نفسه بصوت مسموع..
*وربما شعر بشيء من الخجل- أيضاً- حين رآني أحدق فيه دهِشاً..
*وكثيرون أضحوا ذوي نفسيات في زماننا هذا..
*بل الغالبية العظمى من أفراد الشعب السوداني (الحتل)، وليس (البطل)..
*فقد (حتلوا) مقابل فئة قليلة (صعدت) إلى أعلى..
*وصعدت بصعودهم عمارات مثل التي كان يتأملها صاحب (أبوكِ بلد)..
*ولكن المصيبة أن يصير مثله أبناؤنا كذلك..
*وهذا ما قالته وزارة الصحة- بالخرطوم- في إفادة لها يوم الأول من أمس..
*قالت إن (27%) من الطلاب مضطربون نفسياً..
*طلاب العاصمة المثلثة فقط..
*وعلى قرائنا في الولايات الأخرى مراعاة فروق (الضغط)..
*ثم انتقلت الإفادة إلى كبار السن بالولاية..
*وأوضحت أن نحو (17) ألف منهم يترددون على العيادات النفسية..
*وحوالي (900) منهم يستقبلهم مشفى التيجاني الماحي..
*يستقبلهم – كل شهر- بعد أن (وصلوا الحد)..
*طيب كم واحد من هؤلاء كان يقف أمام عمارة جديدة ليصيح (أبوك بلد)؟..
*وكم واحد منهم كان يردد عبارة (ما قادرين نعيش)؟..
*وكم واحد منهم كان يترنم بمقطع (أنحنا هل جنينا أم عقولنا نصاح)؟..
*إنه ليس حقداً طبقياً بقدر ما هي (مفارقات معيشية)..
*مفارقات تولد ضغوطاً نفسية جبارة عنوانها (نجوع نحن ويشبعون)..
*لا يشبعون وحسب ، وإنما (يترفهون)..
*ويأبى ترفهم هذا إلا أن يطل برأسه عمارات (مستفزة)..
*وتطل برأسها – عما قريب- لافتات لابد منها..
*لافتات توضح مواقف مواصلات المشافي النفسية بالعاصمة..
*ثم نسمع صياح (التيجاني الماحي نفر!!!).