عبد اللطيف البوني

يالفي الشمال حيي الجنوب


[JUSTIFY]
يالفي الشمال حيي الجنوب

يقول علماء النفس إن الانسان يتكون من جمسين جسم مادي وجسم اثيري (اسبرال بودي) ويدللون على ذلك بأن الانسان اذا بتر احد اعضاء جسمه قل يده مثلا يظل يحس به لدرجة انه يقوم بطقطقة اصابعه ويسمع صوت تلك الطقطقة فاليد إن كانت بترت في الجسم المادي الا انها ما زالت موجودة في الجسم الاثيري.
يبدو أن حالة الدول من حالة البشر كما ذهب ابن خلدون في نظريته عن نشأة وتطور وزوال الدولة ويمكننا أن نضيف حالة الوحدة كما في النظرية اعلاه اذ عندما اندلعت حرب الجنوب الاهلية في الاسابيع الماضية تعامل معها الشارع والاعلام السوداني كما يتعامل مع حدث داخلي تماما لم يكن هناك اي شعور بأن الحرب تجري في دولة مجاورة بل كان الاحساس انها تجري داخل البلاد لقد ظلت عنوانا رئيسيا في كل صحف الخرطوم ولم تتراجع الا في ايام خطاب الرئيس في ( الليلة ديك ).
موقف دولة السودان من الحرب كان نابعا من الرأي العام السوداني لان السودانيين كافة لا يريدون لهذه الحرب أن تستعر وتحرق كل الجنوب وبالتالي لا يوالون فريقا على حساب الآخر لاسيما وان وقود الحرب هي القبائل النيلية دينكا ونوير- وهي قبائل سودانية صميمة وليس لها اي امتداد خارجي مهما كان شكل الحدود السياسية بين البلدين فإن التلاقي حتمي تفرضه الجغرافيا قبل التاريخ وليت الوحدة المهزوزة التي كانت سائدة استمرت عشر سنوات اخرى شهد الجنوب فيها تطورا ماديا ملموسا وتراخت قبضة جيل المرارات بين البلدين لكان انفصال الخرطوم اسهل من انفصال الجنوب لكن قدر الله وما شاء فعل.
بغض النظر عما تحمله الايام القادمة للجنوب المنكوب فإن الحرب التي اسفرت خلفت وراءها مآسي لا يمكن حصرها فالموت الذي انذر بظهور كارثة بيئية في ولاية اعالي النيل الكبرى والنزوح واللجوء والمرض جعل اي بيت من بيوت الجنوب ضحية من ضحايا الحرب فعلى الدولة السودانية أن تستشعر المهمة الملقاة على عاتقها ولا تكتفي بالترحيب بالجنوبيين القادمين اليها وتقول انهم ليسوا لاجئين بل اهل ديار، عليها أن تشجع المبادرات المجتمعية لاغاثة اهل الجنوب وهم داخل ارضهم يجب أن تتحرك القوافل اليوم قبل الغد تحمل الغذاء والكساء والدواء والمشاعر الطيبة.
لابد هنا من الاشارة لمبادرة حق الجيرة والخوة التي ابتدرتها مجموعة اعلام للجميع بالتعاون مع الهلال الاحمر السوداني وقذفت بها في اتون المجتمع السوداني فهذه الكوكبة من الشباب احست بأن المجتمع السوداني لديه واجب تجاه اهل الجنوب فطفقت تجمع في الدواء والكساء والغذاء ومن الشعب مباشرة افرادا ومؤسسات وشركات وهيئات فكان التجاوب معها مدهشا ويشهد على ذلك الحفل الخيري الذي اقامته في امسية الخميس 30 يناير حيث تسابق الناس والمؤسسات في تقديم الدعم العيني والمادي المباشر وقد اعتبرت تلك الامسية تدشينا لتلك الحملة القومية وبعد ذلك الحفل انداحت المبادرة فاعلنت الكثير من الاتحادات الناشطة والشركات والمؤسسات دعمها للمبادرة ولسان حالها (بس حددوا لينا انتو دايرين مننا شنو ؟ ). لقد تلقف المجتمع المدني السوداني تلك المبادرة وكأنه كان في انتظارها . فكل الذي نرجوه أن يتواصل الدعم لتلك المبادرة الرائدة وغيرها من المبادرات المجتمعية التي لا نشك في انها قادمة لان حاجة الجنوب للدعم تتزايد كل يوم.
[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]