قانون بناء الكنائس يشعل الخلافات مع نظام السيسي
جاءت التعديلات الحكومية الجديدة على مشروع قانون بناء الكنائس، التي كشفت عنها جهات في الدولة خلال لقائها مع مسؤولي الكنائس المصرية الثلاث (الأقباط الأرثوذكس، والكاثوليك، والإنجيليين) نهاية الأسبوع الماضي، لتقطع الود في العلاقات بين النظام المصري والكنيسة. هذا الود تمثّل في إعلان الكنيسة بشكل رسمي دعمها لانقلاب الثالث من يوليو، وحشد المصريين المسيحيين للمشاركة في كافة الفعاليات المصاحبة له، وكذلك حشدهم في الاستحقاقات الانتخابية التي تبعتها، والتي كان في مقدمتها الانتخابات الرئاسية التي جاءت بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في 2014، وهو ما رد عليه الأخير بزيارة هي الأولى من نوعها للكاتدرائية المرقسية في العباسية خلال احتفال عيد القيامة عام 2015، في خطوة حملت الكثير من الدلالات وقتها.
أعلنت الكنيسة الأرثوذكسية أن التعديلات تمثّل خطراً بالغاً على الوحدة الوطنية
إلا أنه ومع بدء الحديث عن قانون بناء الكنائس، بدأت العلاقات تأخذ منحى آخر أكثر حدة، بلغ ذروته بإعلان الكنيسة الأرثوذكسية في بيان رسمي للمتحدث باسمها الأب بولوس حليم، أن التعديلات التي عرضتها الجهات المعنية على مسؤولي الكنائس الثلاث تمثّل خطراً بالغاً على الوحدة الوطنية، مؤكداً أن ممثلي الكنائس فوجئوا بتعديلات غير مقبولة وإضافات غير عملية، على حد تعبيره، ليزيد ذلك من توتر الأجواء بين الطرفين.
عدد من الرموز السياسية المسيحية، صعّدت بشكل واضح في تصريحاتها ضد النظام الحاكم رداً على ما سمته التلاعب بالكنيسة، وهو ما أكد عليه عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان النائب عماد جاد، قائلاً إن “الكنيسة مصدومة من تلاعب الدولة في قانون بناء الكنائس”، مضيفاً أن “بناء الكنيسة يشترط مدى رضا أجهزة الدولة، ففي حال رضا الأجهزة الأمنية تُبنى الكنيسة، وإذا كان غير مرضي عن الأقباط يتم زقّ السلفيين عليهم ليقولوا لهم فين الترخيص”. وتابع في تصريحات خاصة: “كنت أتمنى أن يكون هناك قانون لدُور العبادة وليس قانون بناء للكنائس، خصوصاً أن عقلية الدولة قائمة على التمييز وتقليدية وتتعامل مع أقباط مصر على أنهم ملف أمني”.
من جهته، أوضح محامي الكنيسة القبطية الأرثوذكسية إيهاب رمزي، أن التعديلات قد تتسبّب في إثارة المشاكل، بسبب تحديدها شكل الكنيسة باعتباره مبنى محاطاً بأسوار من دون أن يحدد وجود قبة أو صليب، لافتاً إلى أن القانون ربط مساحة إنشاء كنيسة جديدة بعدد السكان ومدى حاجتهم لها، من دون أي تفاصيل أو توضيح لهذا الأمر، مما قد يسمح للجهة الإدارية بالتعسف، إذ وُضع الأمر في يد المحافظ وبالتنسيق مع الجهات المعنية، من دون أن يحدد أسباب الموافقة أو الممانعة.
وعن التعديلات الجديدة، لفت إلى أنه في حال رفض المحافظ بناء الكنيسة يتم اللجوء إلى القضاء الإداري، وهو ما قد يستغرق فترة طويلة تصل من سبع إلى عشر سنوات للفصل في بناء كنيسة، وسط تكدس القضايا والتأجيل مرات عدة، كما ألزمت التعديلات الكنيسة باللجوء إلى القضاء العادي وليس المستعجل.
الأمر نفسه أكدته القيادية في ائتلاف “دعم مصر” النائبة مارغريت عازر، قائلة في تصريح خاص: “لا نجد أي مبرر للحكومة في تعطيلها لقانون بناء الكنائس”، مضيفة: “لا الدستور ولا الإسلام نفسه يمانعان ذلك”.
الكنيسة طالبت النواب الأقباط بضرورة الضغط على الحكومة
فيما كشف مصدر برلماني أن الكنيسة طالبت الأقباط في مجلس النواب الذين يقدر عددهم بـ37 نائباً، بضرورة الضغط على الحكومة، مشيراً إلى أنهم طالبوا بلقاء وزير الدولة للشؤون النيابية والقانونية المستشار مجدي العجاتي لحسم أمر القانون وسحب الدولة للتعديلات التي أدخلتها على مسودة القانون المقدّمة من الكنيسة.
فيما قال ناشط شاب إن حركات قبطية في الداخل والمهجر، تدرس اللجوء إلى تحركات لمواجهة ما سماه بتعنّت الدولة والحكومة وتمييزها ضد الأقباط، مشيراً إلى أن تلك التحركات ستكون بضوء أخضر من الكنيسة، مشيراً إلى أن عدداً من أقباط المهجر يستعدون لتنظيم وقفات ومسيرات احتجاجية أمام البيت الأبيض ومقر الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان الدولي، تنديداً بتعنّت الحكومة المصرية.
العربي الجديد