عشاء على ضوء الشموع ..!
«الزواج هو أعظم الوسائل التي يستخدمها الإنسان لمعرفة الشخص الذي لا يمكنه أن يعيش معه في سلام» .. أنيس منصور ..!
يقول شاعر فرنسا «بول فاليري» إن الذي يحاول تعريف الرومانسية لا بد أن يكون شخصاً غير متزن العقل .. فالرومانسية معنى فضفاض وحمال أوجه .. والرومانسية ذاتها شيء والحياة الزوجية السعيدة ـ أو الناجحة على الأقل ـ شيء آخر .. ولكن قبل الحكم على موقف سلوك شركاء الزواج أو العاطفة منها، لا ينبغي أن يتم تقييم الرومانسية كـ (معنى) بمعزل عن ظروف نشأة كل منهما ..!
على سبيل المثال: فكرة «العشاء على ضوء الشموع» التي يجدها معظم الازوج في المجتمعات الأوروبية والأمريكية موغلة في الرومانسية، قد لا تكون كذلك بالنسبة إلى زوجين سودانيين كادحين يعيشان في أطراف مدينة الخرطوم، حيث يعد العشاء على ضوء الشموع جزءاً أصيلاً من روتين أمسياتهما بسبب «قطوعات الكهرباء» .. إذا كيف تكو تلك الجلسة رومانسية والعشاء على ضوء الشموع عند الأزواج السودانيين هو مرادف شرطي ـ على طريقة بافلوف ـ للجو الخانق والتذمر واندلاع المشكلات ..؟!
هنالك بحث قامت به إحدى المؤسسات التي تعنى بالتنقيب في سلوكيات البشر ـ وإحصاء ألوانهم و مشاربهم وفقاً لإجاباتهم على مجموعة أسئلة يضعها خبراء يعلمون ما يفعلون ـ ربما يكون مثالاً طريفاً لتعزيز وجهة نظري، فقد خرجت علينا إحدى المؤسسات البريطانية مؤخراً بشمار علمي مفاده أن الرومانسية تنتهي بين الأزواج بعد مرور سنتين، وستة أشهر، وخمسة وعشرين يوماً!..
أي والله ! .. تقول المؤسسة التي أظنها بريطانية إن هذا الكلام هو نتيجة دراسة أجريت على خمسة آلاف من الأزواج الذين مر على زواجهم أكثر من عشر سنوات .. حيث أوضحت المسوح الإحصائية أن (38%) منهم قد توقفوا عن الاحتفال بعيد زواجهم بعد مرور ثلاث سنوات عليه .. بينما اعترف (70%) من الرجال بأنهم يقترفون جريمة رمي الفوط والملابس المتسخة على نحو فوضوي ..
بينما أكدت النساء على أنهن لا يبذلن أدنى مجهود ليبدون جميلات في عيون أزواجهن .. لكن تلك الدراسة تؤكد في نهاية الأمر على أن معظم هؤلاء الأزواج لا يفكرون بتغيير حياتهم، كما تؤكد على أن معظمهم يقولون بأنهم ما يزالون يحبون أزواجهم بعيداً عن واقع النكد المعيش ..!
بالطبع سوف يستمرون في حبهم على الرغم من أنف نتائج الدراسة .. فالرومانسية معنى «مبهول» و»ماهل» لا يمكن قصره على ممارسات شكلانية يختلف النظر إليها باختلاف معايير المجتمعات، مثل حكاية «العشاء على ضوء الشموع» المذكورة آنفاً .. ثم أن المودة و الرحمة فوق الرومانسية .. وفوق كل ذي علم عليم .. أليس كذلك ..؟!