جمال علي حسن

محاولة تجميل الخيبة الاقتصادية


إظهار المسؤول لثقة في نفسه وفي أدائه بدرجات زائدة عن حدها، مع تكرار الحديث عن زهده في المنصب وسعادته الغامرة حال إصدار قرار بإعفائه ..
هذه ليست أكثر من كونها تكتيكات يتبعها بعض المسؤولين لتخفيف نيران الهجوم عليهم مثل حالة وزير المالية بدر الدين محمود الذي حاول في حوار الرأي العام أن يشير إلى تضحية يقدمها بتوليه منصب وزارة المالية بحكم ما سماها بقدراته وخبراته .
يا سيدي الفاضل أنت فعلاً صاحب قدرات هائلة جداً، كون قميص الاقتصاد السوداني في عهدك بلغ هذه الدرجة من الاهتراء والتنسُّرْ والتنسُّل ..
إشارات المن على الشعب السوداني بقبولك أو استمرارك في منصب وزير مالية ليست مقبولة حتى ولو كان أداؤك جيداً أو مقبولاً دعك عن ما وصل إليه حال الاقتصاد السوداني وعدم قدرتكم على زيادة الإنتاج والسيطرة بأي درجة من الدرجات على سعر الدولار وبالتالي على أسعار السلع بل ظهرت وزارة المالية مؤخراً بصورة تجعلها تبدو وكأنها غير مبالية بأية زيادات تحدث في أسعار السلع ولم تكلف نفسها حتى عناء تبني أو رفض زيادات جديدة وغير متوقعة على أسعار غاز الطبخ وقبلها أيضاً حدثت في يوليو زيادات غير معلنة في أسعار الخبز لم تهتم أو تعلق عليها الجهات المختصة.
ثم بعد كل هذا يخرج وزير المالية ليحدث الناس عن تحسن في الاقتصاد ويعقد المقارنة بمن هم أدنى منا وهي مقارنة استسلامية غير طموحة إطلاقاً ولا يمكن أن تصدر عن وزارة يقودها دماغ يقال أو يقول إنه يمتلك كل هذه القدرات والخبرات..
أما الحديث عن تأثر أوضاعنا بأداء الاقتصاد العالمي فهو حديث مردود لأن ظروفا كثيرة تفصل السودان عن منظومة الاقتصاد العالمي حالياً وتجعله بحكم وجوده خارج هذه المنظومة هو الأقل تأثراً بأزمات الاقتصاد الدولي، وحتى تلك الدول المرتبطة بمنظومة التجارة العالمية والمرتبطة بالاقتصاد العالمي لم يحدث فيها ما يحدث لنا الآن ولم تنعكس تلك الأزمات الدولية على موقف عملاتها المحلية بهذا الشكل وبهذه المعدلات العالية من التدهور .
نعم توجد ظروف معروفة ومقدرة تجعل موقف الاقتصاد السوداني حرجاً وكان من الممكن أن يقدر المواطن هذه الظروف بشرط أن يرى أمامه خطة ناجحة للخروج من المآزق ولو بعد حين ويرى فكرة ناضجة وفكر اقتصادي سليم، وليس قيادة اقتصادية تتولى حقيبة المالية وهي حائرة وغير طموحة وتريد دائماً أن تذكرنا بمن هم أسوأ منا ولا تنظر للآخرين الذين نجحوا في إنقاذ اقتصادهم أو تخفيف درجة تأثر المواطنين بالمشكلة الاقتصادية .
نتفهم وجود ظروف اقتصادية محددة، لكننا نريد قيادة اقتصادية أكثر واقعية في قولها وفعلها، تنظر لحال المواطن بعين مسعفة تقدر دقة موقف هذا المواطن وليست بهذه العين الخيالية الحالمة والمترفعة حتى على مواساة المواطنين وتشجيع الإنتاج بإجراءات عملية وليست بمجرد أوراق وتقارير نظرية وخطط فاشلة .
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.