أبشر الماحي الصائم

هبوط اضطراري


* كلما شاهدت لقاءً (فنياً) مع مطرب، احتشدت في مخيلتي بعض الأسئلة (المسكوت عنها)، إلى أن وجدت اليوم من يجيب عليها، مطرب شهير يفضل حجب اسمه حتى يشتغل الناس بالمضمون، وإلى مضابط اللقاء.

* المغنون متهمون بمصادرة مصطلح (فنان) واعتقاله في أتون ومتون (الحركة الغنائية)!! مع إن هذا المصطلح يتسع لكل أهل الفنون والإبداع، فالشاعر على سبيل المثال فنان، والأديب فنان والتشكيلي الخ..

(ج ) الآخرون هم من أطلق علينا هذا المصطلح، (والبقولو ليه سمين يقول أمين)!!

* أهلنا في البادية يقولون (البرقه متهومة بالدهن)!! فمعاشر (الفنانين) والمطربين موسومون بالثراء!! ذلك مما يجعلهم لا يعيشون حالة المسغبة التي تعيشها الجماهير، بحيث أن الفنون عبر التأريخ هي تعبير صادق وشفاف عن واقع الحال الذي تعيشه الشعوب !!

(ج) نحن لا نصنع الأشعار ولا نملي على الأدباء شكلا نصا بعينه..

* تأريخيا يقال إن الغناء السوداني يتمتع بقدر من الاحتشام والالتزام، ويتسق مع موروث الشعب الأخلاقي، إلى أي مدى يمكن أن يثبت هذا الزعم على أرضية (وسط فني) أصابه بعض التصدع و(الاهتزاز) !!

(ج) نحن نهبط ونرتفع مع حالة المجتمع، فلا ذنب لنا إذا هبطنا أحياناً اضطراريا معه..

* هنالك اتجاه إلى أننا في طريقنا إلى أن نصبح بلد (المليون مطرب)!! ذلك غير الواعدين والموعودين، فضلا عن خريجي برامج (نجوم الغد) !!

(ج) فعلى الأقل لم تخرج مسيرة في الشوارع تندد بهذه الكثرة !!

* ألا يمكن أن يكون هذا الترسيخ الكثيف والتحريض من قبل الفضائيات الغنائية لصناعة المزيد من المطربين، ألا يكون ذلك على حساب صناعة نجوم في مجالات أخرى مهنية وانتاجية، ذلك حتى لا تصبح ناشئة الأجيال كلها تتطلع لنجومية الغناء!! فليس بالغناء وحده تستقيم الحياة ويصنع المستقبل !!

(ج ) نحن لا نمنع الآخرين بأن يتميزوا في مجالاتهم ولا نصادر خيارات الأجيال.

* ثم، ألم تكن الجرعة الغنائية المبثوثة أعظم من جراحاتنا !! ولو أعدنا صياغة هذا السؤال.. ألا يفترض أن تكون هنالك مقاربة بين حالتنا الغنائية وحالاتنا الاقتصادية والأمنية؟ وهل يصلح الغناء ما أفسدته الحروب؟

(ج) ليه انت داير يبقن علينا اثنين (الجوع والدموع)!!

* الحالة الغنائية التي نعيشها لا تعبر عن واقعنا تماما، ففي كثير من الأحوال يلتمس المشاهدون حول العالم القنوات السودانية لاستجلاء خبر أمني باهظ، وقنواتنا تعيش في حالتها الفرايحية، وكأن الذي يحدث في بلاد الواق وليس في موطن هذه المخلوقات الإعلامية!! فلا مناص لحظتئذ من استجلاء أمر ما يحدث في بلد (المليون مطرب) من قنوات فضائية أخرى مثل الجزيرة !!

(ج) نحن لا نقرر مواصفات البرامج التي تقول عنها غنائية.. ربما يحقق ذلك جماهيرية لهذه الفضائيات!

* ألم تضر المادة الغنائية الكثيفة بمضمون البرامج الإذاعية والتلفزيونية، إذ أن كل من يسند إليه صناعة برنامج ولو كان عن النهضة الزراعية، لا يملك إلا أن يسند ظهره على المكتبة الغنائية الضخمة، فيبدأ بلحن الدخول وينتهي إلى لحن الختام؛ إن لم يمنح الضيف عملا غنائيا آخر داخل البرنامج!! فنحن كرماء جداً في الجود بالغناء؟

(ج) فإن لم يكن لنا ما نجود به غير الغناء، فما المانع في أن نجود بما نملك؟

* وأخيراً.. السؤال الأصعب.. إلى أي مدى أنت مطمئن إلى أن دخل الغناء حلالا؟!

(ج).. أما هذا يحول إلى هيئة علماء المسلمين..