لماذا نستورد سيارات لاندكرورز وبي أم دبليو وإنفينتي ومرسيدس وهونداي آخر طراز ؟!

من غرائب تصريحات مسؤولي قطاع الاقتصاد في بلادنا، ما قاله نائب محافظ بنك السودان قبل أيام ونشرته الصحف ومن بينها (المجهر)، وفيه توعد البنك المركزي باتخاذ إجراءات لضبط حركة أو كبح جماح السيد (الدولار) وإخوانه (اليورو)، (الريال) و(الدرهم) في السوق الموازية !!
{لقد ظللنا نسمع هذه الحجوة منذ ثلاث سنوات وأكثر؛ إجراءات مرتقبة للسيطرة على الدولار، ولكننا نسمع جعجعة ولا نرى طحيناً !
{ليس هذا هو المضحك المبكي في ما قاله السيد نائب المحافظ، بل توضيحه المعلوم لرعاة الضأن في بوادي كردفان ودارفور، حيث كشف سيادته أن سبب ارتفاع أسعار النقد الأجنبي هو زيادة حجم الواردات لتبلغ نحو (10) مليارات دولار سنوياً مقابل صادرات لا تتجاوز (4.5) مليارات !!
{أي أن فواتير وارداتنا تساوي أكثر من (ضعف) قيمة صادراتنا، وهذا مفهوم للكثير من قطاعات شعبنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية بل والرياضية، بما فيها مجلس شرف نادي المريخ الذي لم يدفع شيئاً يذكر حتى الآن مع الوضع المزري للنادي !!
{المطلوب من السيدين محافظ بنك السودان ونائبه ومن فوقهما السيد وزير المالية و(التخطيط) الاقتصادي (قال تخطيط .. قال)، أن يوضحوا لشعب السودان المسكين لماذا صارت وارداتنا ضعف صادراتنا ؟!
{سيقولون إن الشعب هو نفسه السبب، لأنه غير منتج .. هذا التبرير البايخ المكرور .
{الشعب ينتج عندما تقوده قيادته ناحية مواقع العمل والإنتاج تحفيزاً وتشجيعاً وحماية من قوائم الجبايات والأتاوات (ياخي تصديق حفلة في صالة بألفي جنيه من شرطة أمن المجتمع .. ليه ألفين ؟! مقابل شنو ؟! وباي قانون؟!) .. هذا واحد من ألف نموذج للجبايات والرسوم المتلاحقة على المصانع والمزارع والمتاجر وكل مواقع الإنتاج والخدمات في السودان).
{حدثني مستثمر عربي يملك مصنع أدوية في الخرطوم أن نسبة الضرائب في إثيوبيا أكثر من السودان، ولكن في السودان تتعدد الجهات الجابية .. أشكال وألوان .. وفواتير ما أنزل الله بها من سلطان .. بينما الجهة الجابية في جارتنا إثيوبيا واحدة .. ولا تأتي واحدة من ورائها بسلطات وقوانين محلية لتأخذ عنوة وبحماية المحاكم الخاصة رسوماً أخرى غير الضرائب، ولهذا هرب أكثر من (700) مشروع سوداني صناعي وتجاري إلى إثيوبيا، حيث البيئة المساعدة على الاستثمار رغم فظاظة القانون هناك !
{لماذا وارداتنا ضعف صادراتنا ؟! كم هي السلع الأساسية والضرورية للإنتاج والخدمات في بلادنا .. وكم تبلغ تكلفتها ؟!
{بالتأكيد أقل بكثير من (10) مليارات دولار ..
{لماذا نستورد سيارات لاندكرورز وبي أم دبليو وإنفينتي ومرسيدس وهونداي آخر طراز ؟!
{ما علاقة هذه السيارات غير الموجودة في غالب دول الجوار بما فيها “مصر” الكبيرة، إلا بأعداد قليلة جداً.
{انظر حولك في أي شارع من شوارع القاهرة وانتظر (12) ساعة .. لن تصادفك عربة لاندكروزر قيمتها (مليار ونصف المليار جنيه)، في السودان يركبها أي وزير ولائي في بلد بلغ فيها سعر الدولار (16) جنيهاً !!
{لماذا نستورد الألبان والأجبان والخضروات والفواكه من دول الخليج الصحراوية؟!
{لماذا نستورد الأسماك من سيراليون ؟! لماذا نستورد التمور من العراق والسعودية وتمور الشمالية بايرة ؟!
{لماذا نستورد الأثاث المعطوب من “الصين” بملايين الدولارات ونحن بلد الأخشاب والغابات والنجارين العطالى ؟!
{لماذا نستورد مواد البناء بملايين الدولارات للجهاز الاستثماري للضمان الاجتماعي ليبني مخططات سكنية للأثرياء .. بأموال العمال والموظفين الغلابى الذين لا يستطيعون شراء خروف الأضحية بسعر مناسب في بلد الـ(130) مليون رأس من الماشية ؟!
{لماذا لا تضعوا أموال العمال ودائع في بنك فيصل الإسلامي مقابل أرباح (15%) بدلاً من استهلاك نقدنا الأجنبي الشحيح ؟!
{لماذا وارداتنا أكثر من صادراتنا ؟! لأن الشعب لا تدير أمواله إدارة اقتصادية واعية وصارمة في تحديد الأولويات، وليس لأن الشعب غير منتج، فشعوب عربية كثيرة من حولنا غير منتجة وأكسل منا، لكن تديرها عقول اقتصادية عبقرية .
{لماذا لا يوقفون هذا الكم الهائل من العبث في فواتير الاستيراد بما فيها شركات الأدوية (المزيفة) التي قبضت أكثر من (20) مليون دولار ثم لم تستورد علبة (بنادول) ؟!
{الإجابة كما قالها لي مواطن صالح، لأنهم هم أنفسهم المستوردون لكل هذا العبث!!
{وكلمة (هم) مفتوحة (على الشيوع) !!

الهندي عز الدين
المجهر

Exit mobile version