الفاتح جبرا

يرقد الحاج (خضر) في عنبر الإصابات الخطرة بمستشفي تستهبلون وقد كتب على باب غرفته (ممنوع الزيارة)


سيناريوهات – الخروف المعافى

هذا السيناريو تمت كتابته ونشره قبل حوالى تسعة أعوام من الآن .. يعاد نشره لمواءمته للظروف والمستجدات الحالية وذلك عن طريق الصدفة وحدها لا الإستشعار عن بعد !!
البداية :
مع إقتراب موعد عيد الأضحية تفاجأ المواطنون بإعلانات مكثفة فى كل الوسائط الإعلامية تنوه بأنه قد تم إعداد زرائب ومراكز لبيع الخراف والبهائم فى كافة المحليات وأنه على جميع بائعى ومالكى الخراف والبهائم عموما بكافة المحليات الإمتناع فورا عن عرض وبيع الخراف والبهائم على الطرقات وفى الفسحات والشوارع وكل من لا يلتزم بذلك فسوف يكون عرضة للمساءلة القانونية التى تصل عقوبتها إلى مصادرة الخراف والبهائم المخالفة .
– والله ناس الحكومة ديل حريصين على صحتنا جنس حرص ، شوف قالو زول يبيع خرفان فى الشارع ساكت مافى !
– يا (السر) يا خوى حريصين شنو ؟؟ على بالطلاق لازم الكلام ده يكون تحتو كلام ؟
– تقصد شنو يا (خضر)؟
– حكومة شنو القاعده تعاين لى مصلحت المواطن ؟ والله هسع يكونو عاوزين (يحلبوهو)
– (حلب) شنو كمان يا السر يا خوى (حلب) كمان فى (الضحية)؟
– والله ديل يحلبو (الشاهد ذاتو) مش الضحية !!
– كيفن يعنى ؟
– أنا أقول ليك … ياخوى عيد الضحية قرب والناس ديل يكونو ناوين ليهم على حاجة
بينما كان ذلك الحوار يدور بين (عم السر) و(حاج خضر) أثناء جلوسهما أمام منزل الأخير فى إنتظار بقية شلة الضمنة اليومية إنطلقت من المنزل زغرودة تنبئ بولادة أول حفيده لحاج خضر من ابنته (سعاد) ما لبث أن جاءه ابنه الصغير. (أحمد) يجرى وهو يقول:
– يابوى ناس أمى ضربو تلفون من الدايات قالو سعاد جابت ليها بت
إنهالت التهانى على (حاج خضر) من افراد شلة الضمنة الذين تزايد عددهم بعض الشئ وبعد أن هدأت المسألة قليلا قال حاج خضر مخاطبا (السر) :
– قوماك يا (السر) يا خوى نركب البوكسى بتاعك ده نمشى الزريبة نجيب لينا خروف كرامة نضبحو للبنية دى ، ما لبث (السر) أن أحضر البوكس الذى كان يقف مجاوراً أمام منزله وعندما عاد وجد (حاج خضر) جاهزا قد قام بإرتداء جلابيته ووضع الطاقية على رأسه بينما بقية أفراد الشلة منهمكون فى تجهيز قعدة (الضمنة) ..
– أها نمشى نشترى الخروف من وين هسع والحكومة منعت الناس القاعدين يبيعوا فى الشوارع ديل ؟
– كيف نمشى وين يا حاج خضر ؟ ما ح نمشى الزرائب الجديدة العملتا الحكومة -مواصلا- أنا عارف مكانا والله قالو زرائب حاجة تمام
زرائب 5 نجوم :
بالفعل فقد كانت الزرائب الجديدة التى تم إنشاؤها حاجة تمام على حد قول (السر) فالزريبة من الداخل مقسمة إلى مساحات صغيرة لعرض الخراف والبهائم كما أن هنالك مكاناً مخصصاً لبيع الأعلاف وكذلك آخر لأحواض شرب (البهائم) كما توجد على مقربة من ذلك وحدة بيطرية ، لم تمض دقائق معدودة على دخول (السر وخضر) إلى الزريبة حتى كانا قد قاما بشراء خروف (مدغلب) وأخذا يجرانه أمامهما خارجين من باب الزريبة لوضعه على البوكس حينما إستوقفهما (شخص) عند (البوابة) :
– شنو يا حاج طالعين بالخروف ده ساكت كده ؟
– وعاوزننا نمرق بيهو كيف يعنى ؟؟
– لا.. يعنى إنتو مشيتو عملتو الإجراءات ؟
– أجراءات شنو كمان؟؟ ما خروف وإشتريناهو ؟؟ نعمل ليهو بطاقة ؟؟
– لا.. لا.. بس فى شويت إجراءات صحية لازم تعملوها ليهو؟؟
– صحية كيف يعنى ؟
– يعنى لازم يكشفو عليهو عشان يشوفوهو لائق صحياً..
– لائق صحياً دى كمان شنو ؟ هو أنحنا ح ندخلو (الكلية الحربية) ما ح نضبحو !!
– يا حاج ده عشان صحتكم .. ممكن الخروف ده يكون مرضان لا سامح الله يقوم يمرضكم
– طيب والكشف ده مكانو وين ؟؟
– (مشيراً بيده) : هناك يا حاج محل الصف داك
حيث أن الوقت كان بعد العصر بقليل كما أن المواطنين لم يبدأوا بعد فى شراء الأضاحى فلم يكن هنالك زبائن كثر بالزريبة .. كان يقف فى الصف خمسة أشخاص فقط .. كل يمسك بخروفه فى إنتظار خروج الخروف الذى بداخل الغرفة التى وضع أمام بابها لافتة صغيرة مكتوب عليها (غرفة الكشف)
• صوت 1 : ياجماعة هسع فى داعى لى جنس التلتلة دى ؟؟
• صوت 2 : من زمان اللحم ده ما قاعدين ناكلو ساكت والخرفان دى ما قاعدين نشتريها من سوق الله أكبر ده الحصل لينا شنو مرضنا وإلا إتسممنا ؟؟
• صوت 3 : عليكم الله كشف شنو العلى الخرفان ؟ أنحنا روحنا دى ما قادرين نكشف عليها
3 صور باسورت :
لم يقطع الحوار الذى كان يدور بين المنتظرين إلا صوت الموظف وهو يخاطب (خضر) الذى وصل إلى أول الصف قائلا :
– ملف الخروف وينو؟
– ملف شنو ؟
– الملف الشايلنو الناس ديل
إلتفت (حاج خضر) وفعلا لاحظ أن المواطنين الذين فى الصف كل منهم يحمل ملفاً أخضر فخاطب الموظف متسائلاً :
– والملف ده بجيبوهو من وين ؟
– (مشيراً بيده) : شفت الشباك القدامو النفرين ديك ؟ بس هناك
إتجه (حاج خضر) بعد أن قام بتسليم (الخروف) للسر نحو الشباك الذى وجده قد خلا من المواطنين
– بالله عاوز ليا ملف
يقوم الموظف بأخراج ملف من الدرج ويضع بداخله ورقة وهو يمسك بدباسة ويخاطب حاج خضر :
– الصورة وينا ؟
– (فى إستغراب) : صورت شنو؟
– ح يكون صورت منو يا حاج يعنى؟ ما صورت الخروف
– (فى إندهاش شديد) : كمان الخروف عاوزين ليهو صورة والله دى ما أدونا ليها
– كيف يا حاج لازم الشهادة دى بعدين يكون فيها صورة الخروف بتاعك ده.
– ليه عاوزين تطلعو ليهو باسبورت ولا بطاقة شخصية يا ابنى الخروف ده رايحين نضبحو بعد شوية.
– يا حاج المسألة ما مسألة تضبحوهو بعد شوية وإلا بعد شهر .. كدى النفهمك بررراحة بررراحة.
– كدى فهمنى أصلو إنتو ما خليتو لينا مخ نفهم بيهو ذاتو
– يا حاج الخروف ده أنحنا ح نطلع ليك ليهو شهادة إنو (معافى) ولائق طبياً … صاح؟
– أيوه صاح
– طيب هسع البهائم أقصد الطلاب البطلعو من الجامعات ديل مش بيطالبوهم يختو صورتهم مع الشهادات عشان الناس تعرف إنو الشهادة بتاعت الطالب المصور فيها ده؟.
– أيوه.
– طيب يا حاج ما دى نفس الحكاية نحنا لازم نخت صورة الخروف فى الشهادة عشان نعرف إنو الخروف المصور ده هو الخروف المعافى والسليم -مواصلاً- هسع أفرض خروفك ده إتلخبط وخش ليهو وسط خرفان عيانة ومرضانة ح نطلعو كيف لو ما عندنا صورة ليهو – فى حزم ورجاء- بالله يا حاج ما تأخرنا وخش المكتب البى جاى ده طلع لينا 3 صور باسبورت سريعات للخروف وتعال نديك الملف !!
وسط دهشة وذهول (حاج خضر) قام بمناداة (السر) الذى كان يقف فى صف الكشف طالباً منه الحضور لتصوير (الخروف) بواسطة (المصوراتى ) الذى كان يمسك الكاميرا بيد وحزمة برسيم بالأخرى لزوم إستخدامها فى توجيه (الخروف) ليكون فى مستوى (العدسة)
وهو يناوله الصور بعد أن قام بوضعها في (ظرف صغير) : عشرة ألف ياحاج –
– بتاعت شنو؟
– 3 صور باسبورت سريعة وملونة
– (وهو يدخل يده فى جيبه لإخراج حافظة نقوده ) : يحلنا الليلة الحلا بله !!
خرج (حاج خضر) وهو يحمل (الصور) فى يده وهو يهز رأسه فى تعجب ووقف أمام شباك مكتب (الملفات) وما أن رآه الموظف حتى بادره وهو يستلم منه الصور قائلاً :
– أيوااا يا حاج كده إنت فى السليم … التلاته صور ديل صورة ح ندبسا ليك فى الشهادة وصورة ح نسلما ناس (الأمن البيطرى) وصورة ح نختها عندنا فى الأرشيف – وهو يقوم بتدبس الصورة على الملف- شوف يا حاج الملف ده جواهو الشهادة بتاعت (الخروف المعافى) فاضية وكل ما يعملو ليهو (فحص) بيكتبو ليك فيها (النتيجة) وفى الأخير بيمضوها ويختموها ويسلموها ليك!
– (وهو يغادر الشباك) : شكرا يا ابنى شكرا جزيلا
– تعال يا حاج أدفع لينا حق (الملف) و(الفورم) بتاع الشهادة
– وديل بى كم؟
– خمسطاشر ألف بس
– إنتو بتستهبلو على بالطلاق (شهادة كمبريدج) إستخراجا ما بى خمسطاشرألف
– بتقول شنو يا حاج؟
– لا دقيقة أهى دي الخمسطاشر بس عشان نتفكا منكم
الميزان قبل الكشف :
عاد (حاج خضر) وهو يحمل الملف فى يده ومن خلفه (السر) يجر (الخروف) إنتظرا قليلا فى الصف الذى كانا يقفان فيه قبل (عملية التصوير) ولم تمض دقائق حتى :
– مشيت يا حاج طلعت الملف
– أهو ده
– جميل .. خلاص بالله يا حاج طلع ليا الخروف فى الميزان ده.
– وعاوزين توزينوهو ليه ح يلعب فى الأولمبياد ؟؟
– لا بس لأنو رسوم الكشف قاعدين نشيلا بالوزن بتاع الخروف
– (فى إستغراب) : ما فاهم ؟؟
– أفهمك يا حاج قول هسع خروفك دا فيهو تلاتين ، كده ح نشيل منكم رسوم كشف تلاتين ألف .. يعنى على كل كيلو ألف جنيه
– ليه إنتو مشترنو معاى ؟
– لا يا حاج المسألة ما كده –
– يعنى المسألة شنو؟؟ كلو حاجة عملتو ليها رسوم .. كرهتونا أى حاجة كمان قبلتو على الخرفان دايرين تكرهونا (السماية) ذاتا !!
– (ثم مواصلا فى تبرم) : أها وبعد وزنتوهو عاوزين تكشفو على شنو فيهو .. على النظر ؟؟
– بالضبط كده يا حاج إنت جيت هنا قبل كده وإلا شنو ؟
– (وهو يمسك بقرنى الخروف مخاطباً حاج خضر) :
– بالله يا حاج وقف ليا خروفك ده هنا وما تخليهو يتحرك عشان أكشف على عيونو ديل؟
– سبحان الله ..كمان خروف شنو البكشفو ليهو النظر ..إنت يا زول بى صحك ؟؟ إنتو عاوزين تطلعو ليهو رخصة سواقة ؟؟
– لا الموضوع ما كده يا حاج .. كشف العين ده بيورى أمراض فيروسية كتيرة وما ممكن نعرفا إلا بالكشف ده !
– (وقد فاض به الكيل) : أها نتيجة الكشف ده بتطلع متين؟؟
– على بال ما النتيجة تظهر حقو يا حاج تمشى تدفع حق الكشف
– هو كشف عيون الخرفان بى قروش والله قصة عجيبة .. أنا عاوز أعمل ليا (كشف نظر) ليا خمسة سنين ما قادر .. والله حكاية عجيبة!!
ذهب (حاج خضر) إلى شباك الرسوم وقام بدفع رسوم كشف النظر ثم عاد وما أن شاهده موظف كشف النظر حتى أخذ يربت على ظهر الخروف وهو يقول :
– ما شاء الله ما شاء الله يا حاج خروفك طلع نظرو مية فى المية يعنى ستة على ستة !!
– طيب أدينا النتيجة دى خلينا نمشى -ثم مواصلا فى تبرم- أها كمان فى حاجة تانى ؟
– أيوه . كييييف يا حاج ؟ فى أمراض النظر براهو ما بيوريها
– يعنى شنو؟؟
– يعنى عاوزين برضو نشوف نتيجة فحص (البول) !!
– كشف النظر عرفناهو هسع الخروف ده ننتظرو يعنى لمن (يبول) وللا الفهم شنووو ؟
– والله شوف يا حاج التعليمات العندنا واضحة لازم يتم إجراء كل الفحوصات الطبية دى وتاخد شهادة بأن الخروف (لائق للذبح) حتين تطلع بيهو من هنا يعنى لازم يكون خروف (معافى) !!
– والله الظاهر أنحنا (اللايقين للذبح) مش الخروف .
– شوف يا حاج والله أنا متعاطف معاك لأنك إنت راجل كبير فى السن وما قدر التلتلة عشان كده شفت الزول القاعد هناك وخاتى ليهو (ألواح تلج) فى تربيزة داك ؟؟ اسمو (جادين) إنت بس أمشى وقول ليهو مرسلنى ليك (عبد الحميد)
– (ينظر فى ذات الإتجاه) : أيوة شفتو مالو.
– إنت سوق خروفك ده وأمشى ليهو ح يجيهك جيهة تمام
وجع إصطناعي :
قام حاج خضر يتبعه (السر) بجر الخروف من رجله الأمامية وإتجه للشخص المعنى.
– السلام عليكم.
– وعليكم السلام.
– إنت جادين؟.
– أيوه أنا جادين فى حاجة؟
– والله أنا مرسلنى ليك عبد الحميد.
– أيووا ياحاج الظاهر إنت عاوز (وجع إصطناعى).
– يا ولد إتهذب شوية (وجع فى عينك) إنت فى زريبة مش فى (الدايات).
– لا يا حاج أنا بقصد إنك يعنى عاوز (بول إصطناعى) للخروف.
– كيف يعنى ح تصنعو ليهو بول يعنى؟ –
لا يا حاج المسألة أبسط من كده بى كتير – مواصلا- كدى هسع طلع ليا خروفك ده فى التربيزة دى.
بعد أن قام (حاج خضر) بمساعدة (السر) برفع الخروف ووضعه على التربيزة قام (جادين) بحمل (لوح التلج) ووضعه على بطن الخروف الذى ولدهشة (حاج خضر) قد قام بمسألة (التبول) فوريا هنا قال جادين وهو منهمك فى جمع بول الخروف فى زجاجة صغيرة مخاطباً حاج خضر الذى أخذته الدهشة : –
• والله يا حاج لو ما التلج ده كان تقعد هنا يومين راجى بول الخروف ده (ثم مواصلا) بعد كده على (المعمل) عديل !!
بدون أن ينبت حاج خضر ببنت شفة قام بإنزال الخروف من التربيزة ثم قال مخاطبا جادين الذى قام بتسليمه عينة البول :
– طيب شكرا .. مع السلامة.
– شكرا دى شنو يا حاج يعنى أنا جايب تلجى الكلو ساح ده وقاعد مضيع فى زمنى (أبول) ليكم فى الخرفان يعنى هواية ؟ –
– يعنى شنو يا ابنى؟
– يعنى كلك نظر يا حاج.
– (فى تبرم وتحدى) : وأفرض هسع ما دفعتا ليك ح تودينى البوليس ؟
– والله يا حاج أنا بحلف إنك ما قاعد تقرأ جرايد ؟
– ودخل الجرائد فى الموضوع ده شنو؟
– لو كنا بتقرأ جرائد يا حاج كنت عرفت إنو الناس الأجازو المشروع ده في المجلس التشريعى عملو ليهو مادة بتقول: كل من يمتنع عن دفع أى رسوم تخص مشروع الذبيح المعافى ح يغرم ويسجن ويجلد كمان !!! قال (حاج خضر) فى سره (لو الحكاية فيها سجن وجلد وغرامة أحسن ندفع) فقام بإدخال يده فى جيب جلابيته وأخرج ورقة بنية فئة العشرين ألف جنيه وأعطاها (جادين) الذى تهللت أساريره !!
الفتيل بى عشرة :
بينما (السر) يقود الخروف و(حاج خضر) يحمل فى يده (العينة) فى طريقهما للمعمل … يقابلهما عدد من الصبية فى الطريق يحملون فتايل بداخلها سائل اصفر اللون وهم يتمايلون ويتصايحون كما حركات الباعة فى السوق.
– (فى صوت مموسق) : الفتيل بى عشرة ألف .. الفتيل بس عشرة .. بي عشرة بس الفتيل !
– (يلتفت إلى أحدهم) : بى عشرة بس معنى كده الريحة بتاعتكم دى مغشوشة.
– ريحت شنو يا حاج؟
– (فى إندهاش) : طيب الشايلنو فى الفتايل ده شنو؟؟
– ده (بول) يا حاج (بول خرفان) جاهز يا حاج .. يعنى بدل ما تتجهجه وما تعرف تبول خروفك ده تشترى ليك بول جاهز مننا وتمشى توديهو الفحص وتتخارج !
– والله كان أحين لينا من الوجع الصناعي والتلج والشنو ما عارف
– وكمان يا حاج ده بول (خروف بيت) مضمون لا فيهو سكرى لا زلالى لا(حميات) لا ترسيب !!
أمام معمل إستلام العينات وقف حاج خضر وهو يحمل زجاجة العينة بينما (السر) يمسك برجل الخروف (الخلفية) حتى وصل إلى الشباك حيث قام بمد العينة للفحيص الذى يجلس واضعا نظارته الطبية السميكة على (أرنبة أنفه) وهو يمسك بقلم وأمامه عدد من (النتائج) والذى ما إن إستلم العينة حتى قال مخاطبا حاج خضر :
– عشرين ألف
– (وهو مندهشا) : فحص بول الخروف عشرين ألف؟
– أيوه يا حاج ومالو ؟؟
– مالو كيف إذا كان (بولى أنا) بفحصو بى خمسطاشر الف ؟ بول الخروف يكون فحصو بى عشرين كيف ؟؟
– إنت يا حاج قاعد يجيكا جرب ؟
– لا.
– قاعدة تجيك حمى قلاعية.
– لا.
– طيب قاعدة تجيك حمى نزفية؟
– لا.
– قاعدة تجيك أنتروتوكسيميا؟
– لا.
– قاعده تجيك باستريلا ؟ قاعد يجيك السارس ؟ قاعد يجيك . وقام الفحيص بذكر عدد هايل من (الأمراض الفيروسية) التى تصيب الخراف ولا تصيب الإنسان وإختتم حديثه وهو يخاطب (حاج خضر) وهو ينظر إليه من تحت عدسات نظارته الطبية : – شوف يا حاج .. بول خروفك ده أنحنا بنفحص فيهو (مية سته وتمانين) مرض معدى .. عشان كده ما تأخر نفسك ساكت أدفع عشرين الكشف وسوق خروفك ده وأمشى أقعد بيهو هناك إنتظر النتيجة مع الناس القاعدين ديلك !!
فى مواجهة شباك الفحص جلس المنتظرون كل يمسك خروفه بيده بينما جلست الخراف فى صمت ودعة وكأنها تترقب نتيجة الفحص.
• (صوت 1 ) : هسع الناس ديل يا جماعة وكت عاوزننا ناكل خرفان معافاة وما عندها مرض مش كان بدل العذاب ده يفحصوها فى الأول عند الناس القاعدة تبيع ويطلعو الخرفان السليمة عشان نحنا نشتريها؟؟
• (صوت 2 ) : وكان عملوا كده قروشنا دى البشيلا منو ..
• (صوت 3 ) : والله إنتو ما عارفين حاجة ساكت !!
• (صوت 1) : شنو؟؟
• (صوت 3) : مشروع الخراف المعافاة ده عاملنو الجماعة ديل أصلو عاملنو محصلين بيهو الضحية .. يعنى شوفو لمن السودان ده كلو كل واحد يفحص خروف ضحيتو يكونو جمعو ليهم كم مليار ؟
• (صوت 2) : هو الحاجات دى بيفكروا فيها كيف؟ إن شاء الله يفحصهم اللا نام ولا أكل طعام.
• (صوت 3) : هسع المشروع ده تلقاهو بتاع واحد.
• ( صوت 1): ما طبعا هى الحكومة فاضية عشان تفحص ليها خرفان ؟؟ هى قادرة تفحص البنى آدمين
• (صوت 2 ): والله أنا خائف بكرة يعملو ليكم فحص آلى للخرفان !!
• (صوت 4 ): يا جماعة خروفى ده نظرو طلع مجلى العمل شنو؟؟ أعمل ليهو نضارة وبعدين أضبحو وإلا أعمل شنو؟؟
• ( صوت 2 ) : هسع يا جماعة خرفان المسؤولين دى بيكونو قاعدين يفحصوها وإلا الفحص ده لينا نحنا ؟؟
• ( صوت 1) : يا بوى فحص شنو؟ المسؤولين بياكلو بدون فحص
• (صوت 3 ): وما قاعدين يمرضو؟؟
• (صوت 1) : يمرضو كيف ديل عندهم حصانة.
وطلعت النتيجة :
بينما كان المواطنون يناقشون بعضهم البعض أطل الفحيص بنظارته الطبية السميكة من شباك المعمل ممسكا بأوراق النتائج وهو ينده :
– خروف حسن عمرين
– خروف صديق الطيب.
– خروف مأمون شلبي.
– خروف الحاج خضر معروف.
وهنا قام ( حاج خضر) بتسليم (رجل الخروف) التى كان ممسكاً بها (للسر) وتوجه لإستلام النتيجة
– أها النتيجة طلعت كيف؟
– (وهو يتمعن النتيجة) : والله يا حاج خروفك ما عندو مرض معدى لكن بس عندو صليبين سكرى وشويه أملاح !!
– طيب خلاص أدونا شهادة الذبيح المعافى القلتوها دى !! عشان نمشى
– تمشى وين يا حاج ؟ إنت عملت ليهو فحص الدم ؟؟
وهنا لم يتمالك حاج خضر نفسه وإنفجر :
– فحص دم يا ما عندكم دم قلتو كشف نظر قلنا كويس .. قلتو فحص بول مشينا بولنا الخروف بالتلج .. قلتو إنتظرو إنتظرنا يا حرامية يا مستهبلين ، هنا تجمع الناس على أثر المشادة وأخذوا يحاولون تخليص رقبة الخروف التى أطبق عليها حاج خضر بيديه بقوة وهو يردد:
– مش الخروف ده ؟؟ مش الخروف ده ؟؟ أهو ح أكتلو .. ح أكتلو ما دايرو ..ما دايرو
بينما كان الفحيص يخاطبه فى هدؤ :
– شوف يا حاج ما تعمل لينا فيها قلبك حار الشعب الشايفوا ده كلوا قالو ليهو أكشفو نظر للخروف كشفو .. قالو ليها أفحص بول للخروف فحصو … قالو ليهو أفحص دم خروف فحصو وكان قالو ليهو أمشى على العجين ما يلخبطو بمشى .. والله تكتر كلامك نقوم نحجز الخروف بتاعك ده بى ضمانه ما نفكو ليك !!!
هنا تدخل بعض (أولاد الحلال) .
– يا حاج ياخى أعصابك ما تبوظ ساكت إنت عملت ليك إطناشر فحص بس فضل ليك (فحص الدم) ده وتتخارج
– يا حاج شويت صبر بس .. أمشى أعمل فحص الدم ده وخلاص شيل خروفك وأمشى أضبح ضبيحتك
– لكن بالله شوفو الود الماعندو أدب ده يقول ليا نحجز الخروف بي ضمانة ما نفكو ليك؟
– يا حاج هو قاعد يهظر معاك ساااكت
– يهظر معاى ؟؟ يهظر معاى دى كمان شنو؟ دفعتو أنا وإلا قرينا سوا ؟ قال يهظر قال
– يا حاج ما تأخر نفسك سااكت هسع كان عملت الفحص وإتخارجت
رضخ أخيراً عم خضر للرجاءآت المتعددة وكلام (أولاد الحلال) وذهب يتبعه (السر) الذى كان يمسك بالخروف إلى مكان فحص الدم
– مد ليا يا حاج أيد أقصد (كراع) الخروف دى
قالها الفحيص وهو يخاطب عم خضر الذى قام فى إستياء بجر (رجل) الخروف ليقوم الفحيص بغرس (حقنة الفحص) تحت (إبض) الخروف الذى وقف (مستسلماً) بينما الفحيص يخاطب عم خضر :
– تلاتين ألف والنتيجه بعد ربع ساعة
لم ينبت عم خضر ببنت شفه أدخل يده فى جيبه وأخرج الثلاثين ألف وعطاها للفحيص الذى قام بكتابة رقم الخروف الموجود على (الملف) على فتيل (عينة الدم) بواسطة قلم (شينى) ، جلس (عم خضر) على (الكنبة) خارج حجرة الفحص بينما أمسك (السر) برجل الخروف
– هسع يا حاج خضر بعد التعب التعبناهو والقروش الدفعناها دى لو الفحص ده طلع ما نضيف و الخروف ده طلع عيان نسوى شنو؟
– حرم وعلى بالطلاق يا (السر) بعد التعب و(القروش) الدفعناها دى ما يدونا (شهادة صحية) للخروف ده إلا يشوفو براهم
يتناول الحديث أحدهم كان يجلس على الكنبة المقابلة وهو يمسك بخروف صغير الحجم قليل اللحم هذيل :
– والله يا جماعة أنا هسع محتار أسوى شنو؟
– مالك ؟
– خروفى ده مر الفحوصات كلها لحدت ما جيت لى ناس (فحص الدم) ديل قالو ليا خروفك ده عندو (أنيمياء حاده) وما بنديهو ليك شهاده إلا تدخلو (عنبر التغذية) داااك ترقدو إسبوعين !!
– (حاج خضر فى تبرم) هو خلاااس بقت على الخرفان الشعب ده كلو ما عندو انيمياء حاده !!
– وإنتو ما عارفين المشكلة وين؟
– وين؟
– قالو اليوم فى عنبر التغذية بى سبعين ألف … !!
– ليه ح يأكلوهو (زبادى) وإلا (جبنة مضفرة) ؟ يا زول شيل خروفك ده وأمشى أضبح ضبيحتك عندو ما تشتغل بيهم شغلة .. عندو (أنيمياء) عندو (لوكيمياء)
– مشيت قلت أشيلو وأمشى أطلع لكن ناس (الأمن) فى الباب قالو ليا بدون شهاده (ذبيح معافى) ما بتطلع
– طيب رجعو للزول الإشتريتو منو؟
– مشيت ليهو قال ليا إنت ما قريت اليافطة ديك المكتوب فيها (البضاعة لا ترد ولا تستبدل) !!!
فى هذه الأثناء أخرج الفحيص رأسه من نافذة المعمل وأشار إلى (السر) الذى كان ينظر ناحيتة بالحضور لإستلام النتيجه ، وقف (السر) وهو يمسك برجل الخروف وإتجه إلى الشباك يتبعه (عم خضر)
– أها إن شاء الله خير
– (وهو يقرأ من النتيجه) والله بس (السكر زايد شوية) وكمان (كريات الدم البيضاء) فوق المعدل الطبيعى وعندو تلاته صلايب (أملاح) لكن (الهيموقلوبين) بتاعو تمام !
– (فى زهج ) : يعنى شنو ؟
• لا يا حاج ما تخاف دى أمراض ما (فيروسية) وما عندنا بيها شغلة – مواصلاً- إنت كده يا حاج دربك طلع وما عندك تانى حاجه غير تمشى (مكتب المدير) داااك يختمو ليك الشهاده دى .. بس ما تكون نسيت ليك فحص !
إتجه عم خضر وهو يحمل (الملف) إلى المكتب الذى أشار له (الفحيص) وجد عدداً من الأشخاص أمامة وعندما جاء دوره قام بتسليم (الملف) للمدير الذى طالع (الشهاده) ثم قذف بالملف رافعاً رأسه مخاطباً عم خضر :
– الأشعة المقطعية وين؟
كسرة :
يرقد الحاج (خضر) في عنبر الإصابات الخطرة بمستشفي تستهبلون وقد كتب على باب غرفته (ممنوع الزيارة) !!
الجريدة