زهير السراج

إبكِ .. يا وطنى الحبيب !!


* فى إطار برنامجها السنوي لدعم الاسرة الفقيرة والمتعففة قامت سفارة دولة الامارات العربية المتحدة بالخرطوم بالتعاون مع بعض المنظمات الشعبية، بتوزيع لحوم الأضاحي على آلاف المواطنين بولاية الخرطوم، ومعسكرات النازحين بدارفور، بالإضافة الى قيام (جمعية الشارقة) الخيرية بأمارة الشارقة بدولة الامارات العربية المتحدة، بإرسال وفد كبير الى السودان لتوزيع الأضاحي والهدايا طيلة أيام عيد الأضحى المبارك على الأسر المحتاجة في ولايتي كسلا والبحر الأحمر بشرق السودان، وأخبرني أحد الاصدقاء عند تبادلنا تهاني العيد يوم أمس، أن توزيع الهدايا قد حفل بالكثير من المواقف الانسانية التي يعجز القلم عن وصفها، من بينها تنازل رب أسرة عن نصيبهم من لحم العيد وهدايا أبنائه الصغار، لأمرأة مسنة وأحفادها، فسالت الدموع من أعين الجميع، وأسرعوا يتقاسمون انصبتهم المتواضعة مع الآخرين .. وكان موقف إهتز له الضيوف الأماراتيون بالبكاء الشديد!!
* في (رمضان) الماضي، نزل القائم بالأعمال الأمريكى بالخرطوم (بنجامين ميلينغ) الى الشارع برفقة موظفين وموظفات من السفارة لتوزيع الوجبات الجاهزة على العابرين (أبناء السبيل) الذين أدركهم الإفطار في الطريق في منطقة الإنقاذ وشارع الأزهري، كما قامت السفارة بافطار 7 آلاف صائم يوميا، طيلة ايام الشهر الكريم، وذلك في إطار التزامها بالتواصل مع الشعب السوداني ومشاركته روح شهر رمضان المبارك!!
* تخيلوا .. نزل القائم بالأعمال الأمريكي بنفسه الى الشارع لتوزيع وجبات الإفطار على عابرى الطريق، وتكفلت السفارة باعداد وتوزيع (200 ألف) وجبه إفطار على المواطنين الصائمين، بينما كان المسؤولون السودانيون يولمون الولائم الرمضانية الضخمة من مال الشعب المسكين، ويحشدون لها الوجهاء والأغنياء والصحفيين، ويستنفرون أجهزة الاعلام لإلتقاط الصور والابتسامات وتوزيعها على الفقراء والمحتاجين!!
* وقامت سفارة دولة الامارات العربية المتحدة بتوزيع الأضاحى على 7 ألف اسرة فى الخرطوم ودارفور، ولم تزل جمعية (الشارقة) الخيرية حتى يوم أمس، ثالث أيام العيد، توزع الهدايا ولحوم العيد على المواطنين المحتاجين بولايتى كسلا والبحر الأحمر، بينما يغط المسؤولون السودانيون في نوم عميق بعد إمتلاء الكروش بالمطايب وأحلام الحزانى الجائعين المكلومين، ولم نسمع عن مشروع حكومي بتوزيع لحوم الاضاحى على المحتاجين الدامعين، أو قيام مسؤول واحد بمشاركة المواطنين السودانيين (احزان العيد)، بل كان الجميع منهمكين فى تبادل التهاني والمعايدات بالقصور والمقرات والفلل الفخمة، وسط بريق الاضواء وفلاشات اجهزة التصوير، ونشر الصور على الجائعين!!
* ولكن .. ما العجب فى عدم احساس المسؤولين بأوجاع المحرومين، أو حتى مجرد التظاهر بوجود هذا الاحساس والمشاركة الزائفة للمواطنين في مناسباتهم .. فمنذ متى كانوا يفعلون، ومتى كانوا يحسون، وحتى بعض البرامج التى يوزع (ديوان الزكاة) من خلالها العون على بعض الناس خلال شهر رمضان، بمشاركة كبار المسؤولين، تتميز بانتقائية كبيرة، وتركّز على أشخاص معينين، بل حتى الذين تتنزل عليهم رحمة ربنا باعانات واغاثات الخارج، يقف البعض حائلا دون حصولهم عليها فى معظم الأحيان، وتتم سرقتها أو بيعها، وتحويل ريعها لمصلحة الغيلان والتماسيح !!
* أي مسلم هذا الذى ينام شبعانا وجاره جائع، وأي مسلم هذا الذي يحفظ عن ظهر قلب الحديث النبوي الشريف .. “من فرّج عن مؤمن كربةً من كرب الدنيا، فرّج الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة، بدون ان ينله من فضل هذا الحديث غير الحفظ والتسميع؟!