ترامب وكلينتون.. بعيون قادة العالم
بين الإعلان الصريح أو الاكتفاء بالتلميح، أبدى بعض قادة العالم ميولهم بشأن من يتولى رئاسة الولايات المتحدة خلال السنوات الأربع المقبلة، بعد الانتخابات المقررة في 8 نوفمبر المقبل.
وأسفرت الانتخابات التمهيدية عن وصول مرشح الحزب الجمهوري المثير للجدل دونالد ترامب، ووزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون عن الحزب الديمقراطي، لآخر مراحل الانتخابات، وهو سباق يحتاج “دعما خارجيا” بقدر لا يقل عن الدعم الداخلي.
موسكو تمسك العصا من الوسط
ورغم الصورة التي اكتسبها ترامب من خلال بعض تصريحاته، كمترجم منتظر لسياسات الرئيس الروسي فلاديمير بوتن في الولايات المتحدة، فإن الأخير يسعى للحفاظ على مسافة “شبه واحدة” من قطب العقارات الأميركي منافسته.
وفي مقابلة حديثة أجراها بوتن مع “بلومبرغ”، حاول القيصر الروسي الابتعاد قدر الإمكان عن الخوض في رؤيته لمستقبل الولايات المتحدة تحت قيادة أي من ترامب أو هيلاري، بل أبدى تحفظه عليهما معتبرا أن “أيا منهما لا يمثل نموذجا يحتذى به”.
وتلقى بوتن إشادة وتعهدا بتحسين العلاقات من ترامب، وفي المقابل هجمات واتهامات بالتآمر من كلينتون، لكنه تمسك مرارا وتكرارا بموقفه من الانتخابات، ومفاده أنه “لا يوجد لديه شخص مفضل”، و”على استعداد للعمل مع الفائز أيا كان”.
وسيترك الرئيس الأميركي باراك أوباما لخلفه تركة ثقيلة من الخلافات مع روسيا، الخصم الأكبر للولايات المتحدة، لا سيما في الملفين الروسي والأوكراني.
الصين حائرة
وبينما يبدو الموقف الصيني من مرشحي الانتخابات الأميركية غامضا، فإن تاريخ كلينتون مع النزاع في بحر الصين الجنوبي يضعها في “القائمة السوداء” لبكين، ويرجح بشكل تلقائي كفة ترامب كشريك مفضل للعمل مع الحكومة الصينية.
ففي عام 2010، عندما كانت هيلاري وزيرة للخارجية، أثارت غضب الصين عندما وضعت قضية بحر الصين الجنوبي في قمة أولويات الأمن الأميركي.
والقضية محل خلاف بين الصين من جهة وحلفاء الولايات المتحدة من جهة أخرى، بعد أن قضت هيئة تحكيم في لاهاي أن بكين “ليس لها حق تاريخي في مياه بحر الصين الجنوبي، وأنها انتهكت حقوق الفلبين التي أقامت القضية بموجب اتفاقية الأمم المتحدة بشان قانون البحار”.
ورفضت الصين الحكم، واتهمت الولايات المتحدة بإثارة مشاكل في البحر الذي تتداخل فيه مطالبها الإقليمية مع مطالب فيتنام والفلبين وماليزيا وبروناي وتايوان.
وفي يوليو الماضي، قال دبلوماسي صيني كبير لـ”رويترز” إن “كلينتون ستكون شريكا صعبا” للصين، فيما سيكون ترامب “اختيارا غير معروف” بالنسبة لبكين.
كما وصف مسؤول صيني مقرب من المؤسسة العسكرية الصينية، كلينتون، بأنها “عنيفة للغاية فيما يتعلق بالصين”.
وبينما يخيم الصمت على المستوى الرسمي الصيني فيما يخص الانتخابات الأميركية، فإن وسائل الإعلام الحكومية التي تعد بشكل كبير صدى الصوت لرؤية بكين، لم تخفِ موقفها من المرشحين.
وهاجمت وكالة “شينخوا” الصينية الرسمية كلينتون، قائلة إن “اليد القديمة للسياسة الخارجية الأميركية وداعمة محور أعداء الصين في آسيا”، مضيفة أن “كون سياستها الخارجية عنيفة ربما هي الطريقة المثلى لإظهار زعامة الولايات المتحدة المزعومة”.
أوروبا.. موقف واضح
وقبل أشهر من توليها رئاسة الحكومة البريطانية، كان موقف تريزا ماي الداعم لهيلاري والمنتقد لترامب واضحا، بما يعكس رغبتها في فوز “صديقتها السابقة” في الانتخابات الأميركية.
وتربط تريزا بهيلاري علاقة جيدة، توطدت عندما كانت الأولى وزيرة للداخلية في بريطانيا والثانية للخارجية الأميركية، وبحكم وظيفتهما كانت لهما نقاشات مطولة عن إمكانية كبح التهديدات الإرهابية في الولايات المتحدة وبريطانيا والعالم.
وعلى العكس من ذلك، تتوقع وسائل إعلام بريطانية مسارا تصادميا بين ماي وترامب في حال فوزه بالرئاسة، رغم محاولات الرجل مغازلة سيدة لندن القوية بالإثناء على اختيار البريطانيين الخروج من الاتحاد الأوروبي.
فالعام الماضي ردت ماي بقوة على تصريحات لترامب هاجم فيها المسلمين، لا سيما في بريطانيا، عندما قال إن هناك أماكن في العاصمة لندن لا تستطيع الشرطة دخولها بسبب تشدد سكانها.
وقالت ماي التي كانت وزيرة داخلية وقتها، إن شرطة لندن لا تخشى شيئا، مضيفة أن “السياسي عليه أن يكون حذرا للغاية في تعامله مع القضايا المتعلقة بالأمن. بينما نحن نحارب الإرهاب علينا أن نقرب المجتمعات من بعضها، لا أن نفرقها”.
وقبل نحو شهرين، أعلن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في مقابلة مطولة مع صحيفة “ليزيكو” الفرنسية، دعمه لهيلاري، مشبها ترامب بالجماعات المناهضة للهجرة في أوروبا.
وقال هولاند إن “أفضل شيء بإمكان الديمقراطيين فعله هو انتخاب هيلاري”، فيما اعتبر أن انتخاب ترامب سيعقد العلاقات بين الولايات المتحدة وأوروبا بشكل عام.
الشرق الأوسط.. حلفاء ولكن
خلال 4 سنوات خدمت بها كلينتون وزيرة للخارجية، عاصرت المرشحة الديمقراطية عدة أزمات في منطقة الشرق الأوسط وكانت على رأس عملها أثناء موجة “ثورات الربيع العربي”، التي دعمتها الولايات المتحدة في بداياتها سعيا لتهيئة أرض خصبة لوصول ما يعرف بـ”جماعات الإسلام السياسي” إلى السلطة.
لكن الفوضى التي شهدتها عدة دول في أعقاب محاولات التغيير، أنقصت من أسهم الولايات المتحدة بشكل عام ورسمت وجها سيئا لوزيرة خارجيتها خصوصا في منطقة الشرق الأوسط، وتراجع النفوذ الأميركي في عدد من الدول التي فضلت الاتجاه شرقا، لا سيما بعد الهزائم التي تلقتها جماعات الإسلام السياسي القريبة من واشنطن.
إلا أن لعبة السياسة التي تحكمها المصالح المتغيرة بين ساعة وأخرى، لا تعني أن حكومات الشرق الأوسط لا ترغب في فوز كلينتون بالانتخابات، لا سيما إذا كان البديل هو ترامب الذي بادر المسلمين خاصة بالعداوة واتهمهم ضمنا وبشكل جماعي بالوقوف وراء الإرهاب، بل وفكر في منع دخولهم الولايات المتحدة ولو بشكل مؤقت.
سكاي نيوز