زهير السراج

الشرطة بين عثمان وأبوالقاسم!!

* دعونا نسلم بعدم وجود أية علاقة بين واقعتي الاعتداء على المهندس (أحمد أبو القاسم)، والشجار الذي وقع في المناسبة الاجتماعية التي حضرها في منزل أحد الأصدقاء، ضمن آخرين من بينهم الفريق (طه عثمان)، وننسى تماماً حدوث ذلك الشجار، أو وجود مناسبة اجتماعية في الأصل، أو حتى وجود الفريق طه عثمان أو المهندس أحمد أبو القاسم، ونركّز فقط على واقعة (اختطاف مواطن من أمام منزله بالمنشية بواسطة أربعة أشخاص، واقتياده الى منطقة سوبا، والاعتداء الوحشي عليه وتركه بين الحياة والموت، قبل العثور عليه في الصباح الباكر ونقله الى مستشفى الأطباء بالخرطوم لمعالجته بموجب أورنيك (8) بعد الرجوع الى قسم الشرطة المختص).. ونتساءل، كيف كان سيكون تعامل الشرطة مع الجريمة ؟!
* أنا شخصياً أرجح أن الشرطة كانت ستعطي اهتماماً كبيراً بالجريمة، وتوظف كل جهودها لكشف طلاسمها والعثور على الجناة وتقديمهم الى العدالة، لسببين، حماية هيبتها واظهار مقدرتها على حفظ الأمن، وبث الإطمئنان في المجتمع بأن الأمن مستتب، وأن أية جريمة لا يمكن أن تمر بلا حساب أو عقاب، خاصة مع الأموال الباهظة التي تنفقها الدولة على أجهزة الأمن، وإن كنتُ على قناعة تامة أن إدارة الجنايات وأقسام الشرطة العادية لا تحظى إلا بالقليل منها، وإلا لم تكن معظم أقسام الشرطة تعاني من ندرة أبسط الأشياء مثل ورق الفولسكاب لتسجيل التحريات!!
* والسؤال: لماذا لم تُعطِ الشرطة أي اهتمام لتلك الجريمة، بل لم تتفوه عنها بكلمة حتى الآن، مع انها من أخطر الجرائم التى يمكن ان تقع في ايّ مجتمع وترّوعه وتنشر فيه الرعب وتترك آثاراً في غاية السلبية عليه، ويمكنها أن تطيح بمدير الشرطة أو حتى وزير الداخلية من منصبه إذا لم يتم العثور على الجناة، أو حتى لمجرد حدوث الجريمة، خاصة مع وجود سابقة مشابهة وهروب الجناة وعدم العثور عليهم، مثل واقعة الاعتداء على المهندس عثمان ميرغني؟!
* وإذا لم يكن السبب عدم الاهتمام، وإنما ضعف جهاز الشرطة وأجهزة حفظ الأمن الأخرى، رغم ما ينفق عليها من أموال، فماذا تنتظر الدولة على هذه الأجهزة الضعيفة، وما الذي يجعل وزير الداخلية ومدير الشرطة وبقية قادة الأجهزة الأمنية يجلسون على كراسيهم حتى الآن!!
* مواطن يُعتدى عليه بوحشية في وضح النهار داخل مكتبه في وسط الخرطوم، وآخر يختطف من أمام منزله ويُحمل عنوة الى منطقة نائية ويعتدى عليه بوحشية، بينما أجهزة حفظ الأمن تتفرج، ولم يفتح الله عليها بالعثور على طرف خيط أوهى من خيط العنكبوت، أو حتى بكلمة تبرر به عجزها وفشلها، فما الذي يجعل الدولة تمسك يدها عنها، إلا إذا كانت معجبة بهذا الفشل والعجز، وهي في هذه الحالة تصبح شريكا أساسياً وفاعلاً، بل والمتهم الأول في حدوث الجريمة، وتفشي التراخي والضعف والاهمال في أجهزة حفظ الأمن!!
* لا أدري ما هو رأيكم، ولكن من خلال متابعتي، كصحفي، للشرطة وأجهزة حفظ الأمن الأخرى في التعامل مع جرائم القتل والاذى الجسيم، لاحظت أن الشرطة غالباً ما تتوصل لمرتكبي تلك الجرائم، إما لوضوحها، أو كفاءة الشرطة، فلماذا أخفقت في فك طلاسم جريمة الاعتداء على المهندس عثمان ميرغني، ولم تصدر حتى لحظة كتابة هذا المقال مجرد بيان في جريمة الإعتداء على المهندس أحمد أبو القاسم؟!
* نعرف أن سبب ارتفاع معدل جرائم الاعتداء على الأطباء في أماكن عملهم هو الحصانة الممنوحة للبعض بما يغريهم بارتكاب الجريمة والاعتصام بالحصانة من العقاب، فما هو السبب والدافع والحافز الذي يجعل آخرين يرتكبون جرائمهم الوحشية بكل سهولة وبدون خوف من العقاب، أو حتى من مجرد احتمال الكشف عنهم؟!
الجريدة