تحقيقات وتقارير

التجارة العابرة القارة السمراء تراهن على السودان

في مطلع يناير من العام الماضي بدأ السودان استقبال واردات عابرة إلى الأراضي الإثيوبية، كأول خطوة في اتجاه تحويل المرفأ السوداني الوحيد بشرق السودان لخدمة الواردات الإثيوبية، حيث شهد الميناء وصول أول باخرة “سماد” إلى ميناء بورتسودان عابرة إلى الأراضي الإثيوبية، الدولة من جانبها عولت كثيرا وقتها على نجاح تجربة مرور الواردات الإثيوبية عبر ميناء بورتسودان سيحدث حراكا اقتصاديا كبيرا من خلال تنشيط وتحريك عمليات قطاع النقل والعمالة معتبرة أن ذلك يؤدي إلى مؤشرات كبيرة بتفعيل التعامل مع إثيوبيا وتسعى الدولة مؤخرا في تنوع موارد اقتصادها وعدم الاعتماد على مورد بعينه على خلفية توجيهات البنك الدولي، وتعد التجارة العابرة للدول المجاورة من أحد أهم الخطوات التي تسعى الدولة إلى السير فيها قدما للميزات التي تفضل السودان عن بقية الدول المجاروة له، التي تنظر إليه معبرا مهما لحركة الصادر والوارد لديها عبر تقديم خدمات لحركة التجارة العابرة (الترانسيت) للدول المجاورة للسودان.

الأستاذ المشارك بجامعة المغتربين، دكتور محمد الناير، قال إن السودان يمتلك مقومات كبيرة وموانئ على ساحل البحر الأحمر تمكنه من تلبية احتياجات معظم دول الجوار المغلقة التي ليست لديها منافذ بحرية كإثيوبيا وجنوب السودان وتشاد وأفريقيا الوسطى جميعها يمكن أن تعمل في مجال الاستيراد والتصدير عبر الموانئ السودانية، مؤكدا لـ(الصيحة) أن هذا النوع من التجارة يخلق حراكا اقتصاديا وزيادة في حجم النشاط الاقتصادي وحجم التدفقات للنقد الأجنبي للبلاد، إضافة إلى أن عبور الصادرات والواردات عبر الأراضي السودانية يخلق نوعا من الحراك لكثير من الأنشطة منها النقل وغيره، مبينا أن نجاح انسياب التجارة العابرة يحتاج من الحكومة إلى صيانة الطرق بصورة جيدة خاصة الطريق القاري المربوط بطريق الإنقاذ الغربي أحد الطرق التي تخدم التجارة لجهة أنها تربط السودان من أقصى الشمال إلى أقصى الغرب فضلا إلى أهمية إكمال طريق أم درمان الأبيض الذي يختصر 50% من طريق الخرطوم/ الأبيض ويسهل انسياب الحركة من اقصى الغرب إلى اقصى الشرق بشكل جيد، مشددا على أهمية إنشاء الطرق وفقا للمواصفات التي تتناسب مع مستقبل التجارة، إضافة إلى تأهيل قطاع السكة حديد كناقل رخيص بجانب النقل النهري الذي يخدم دولة الجنوب وتنشيط حركة الملاحة فيها، وأوضح أن من ضروريات التعامل مع دول الجوار إنشاء مناطق حرة لإجراء عمليات التجارة بين الدول والسودان والاستفادة من جميع الميزات التي تمنحها المناطق الحرة في مجال الاستثمار وضرورة إنشاء فروع للمصارف السودانية فيها ليتم تسهيل العمليات المصرفية لدول الجوار وتنظيم التبادل التجاري بين الدول عبر إجراءات بنكية وإعطاء الفروع التي تنشأ في المناطق الحرة صلاحيات كبيرة لتكملة إجراءات التصدير والاستيراد مع أهمية وجود كافة الأجهزة ذات الصلة من مواصفات وجمارك وغيرها من الأجهزة الأخرى التي تضبط حركة خروج ودخول السلع إلى السودان، مبينا أن التهريب في البلاد موجود، وأضاف أن مكافحته عبر أجهزة الأمن غير مجدية لكنها مهمة في تأمين الحدود، وتابع أن علاج التهريب بالسياسات انجع من علاج مرابطة الحدود والتي يمكن أن تكون عنصرا مكملا للسياسات والتي تكمن في التبادل التجاري وفق قوانين ومناطق حرة وتجارة عابرة للدول، إضافة إلى سياسات تشجيعية عبر إنشاء بورصات للمحاصيل المهربة بأفضل الأسعار.

واعتبر الخبير الاقتصادي دكتور عبد الله الرمادي، أنها إضافة للاقتصاد الوطني وليس خصما في حال أحسنت إدارتها، وقال لـ(الصيحة) إن البلاد كثيرا ما تسئ استخدام الفرص التي تأتي للبلاد، ولفت إلى أنه في حال أنها أحدثت إفرازات سالبة مثل التهريب وحرمان الدولة من مواردها فهو مضر للاقتصاد وينبغي على الدولة القيام بدورها كاملا من حيث الرقابة ووضع الضوابط ومتابعة السلع ويجب عدم السماح بدخول غير السلع الخاصة بالدولة المعنية وليس السلع الداخلية، وقال إنها مسألة تتعلق بالإدارة والشفافية، ويرى أن التجارة العابرة فرصة لزيادة دخل الدولة عن طريق عبور هذه البضائع التي تدفع رسوم موانئ فضلا عن تشغيل عمالة في وظائف التخليص والنقل، ونوه إلى أنها تعمل على زيادة النشاط الاقتصادي في الدولة، جازما بأن السودان بلد مؤهل لمثل هذه التجارة لجهة أنه تجاوره عدد من الدول الفقيرة والضعيفة المغلقة التي ليس لديها منافذ، داعيا إلى تأهيل خط السكة حديد الغربي لجهة وجود مشروع أفريقي كبير لسكة حديد من بورتسودان حتى السنغال وهذا الخط يخدم جميع دول غرب أفريقيا مما يحرك طاقات الاقتصاد، مطالبا بوضع ضوابط لفادي حدوث تفلتات.

الخرطوم: مروة كمال
صحيفة الصيحة