صلاح الدين عووضة

طعم (المنقة) !!

*معتمد مروي مبسوط من طعم عصير المانجو..

*قال إنه بداية بشريات إنتاج مصنع كريمة لتعليب الخضر والفاكهة..

*وأنا أواخر الستينيات كنت مبسوطاً مثله للسبب ذاته..

*فقد كنت طفلاً أحتسي عصير المانجو كبداية بشريات إنتاج المصنع نفسه..

*ثم انهمر سيل الإنتاج بعد ذلك إلى حد تصديره..

*الصلصة ، البقوليات ، المربات ، العصائر ، والتمور المحشية بالكريمة..

*فقد كان والدي أول مدير لمصنعي التعليب والبلح..

*وأحد أسباب نجاح المصنع علاقاته الحميمة مع الأهالي والعاملين والمزارعين..

*وما زلت أذكر كيف كان يتداخل معهم ، ويداخلونه..

*وأذكر حضور بعضهم جلسات استضافته أولاد حاج الماحي يوم الجمعة..

*وأذكر الزيارات المتبادلة بينه و بين (الكبير) علي عقيد..

*وأذكر تواصله مع جبريل وكرار والحارث والعمدة كنيش..

*ثم جاءت (ثورة) مايو بعد ذلك بقليل..

*ومن (أولى بشريات) ثوريتها ما أطلقت عليه مصطلح التطهير..

*وصنفت الوالد (رجعياً) رغم نجاحاته..

*وأتت بآخرين (ثوريين) من بعده ليذهب هو إلى حلفا منهياً انتدابه..

*و(ثارت) ثائرة الزرَّاع على جماعة (الثورية) هؤلاء..

*ولم تقم للمصنعين قائمة جراء (العنف الثوري)..

*العنف في التعامل والتساوم والتفاهم والعلائق والتسويات المالية..

*ولكن ما يُحمد لنميري تراجعه سريعاً عن (التطهير)..

*وعادت للخدمة المدنية عافيتها ولكن لم تعد ثقة المزارعين في المصنع..

*وخسرت البلاد أطناناً من صادراته ذات الجودة العالية..

*بل وصارت تستورد مثلها- عوضاً عن التصدير- إلى يومنا هذا..

*ثم جاءت الإنقاذ بما هو أسوأ من (تطهير) مايو..

*جاءت بما سمته (الصالح العام) وأحلت مواليها مكان الكفاءات..

*أما (ثوريتها) فكانت (ثوراً) في مستودع الخزف..

*فقضت على الصناعة والزراعة والتعليم والناقل البري والبحري والجوي..

*ثم لم تراجع أخطاءها سريعاً كما فعلت مايو..

*بل ما زال التمكين سارياً ، و(التهميش والتكويش والتطفيش والتفنيش)..

*وقضت هذه السياسة على البقية الباقية من المصنع..

*ولم يبق به سوى آثار الماضي، وأطلال المباني، وماضي (ذكرياتي)..

*والآن نجح (متمكنون)- بمال خليجي- في إنتاج العصير..

*وفرح معتمد مروي بهذا الإنجاز وأعلن (انبساطه) من طعم المانجو..

*وهو طعم بسطني أنا (قبل خمسين عاماً !!!).

الصيحة