جمال علي حسن

لماذا غيَّب حسين خوجلي إضراب الأطباء


لا شك إطلاقاً أن أستاذنا حسين خوجلي يكاد يحتكر لقب أفصح ألسنة الصحافة السودانية، حسين مدرسة في البيان والتبيين والمجاز والتورية والجناس والاقتباس.. هو (صنايعي) ماهر في حرفة الكلام.
لذلك لم يخذل توقعاتنا في مداخل الجلوس وتوابل الاستدعاء للذائقة السياسية التي تفتح الشهية لمتابعة حواره مع السيد رئيس الجمهورية مساء الأربعاء.
وبالفعل تناولنا وجبة متنوعة من (سلطات) حسين خوجلي.. وشربنا عصيراً طازجاً من برتقالة لسانه الطاعم..
وللأمانة شعرت بأن السيد الرئيس كان قد أتى إلى حوار حسين خوجلي بمزاج (رايق)، ووصلت هذه الرسالة بالفعل إلى حسين خوجلي الذي يتقن الإرسال والالتقاط فبدأ يتخلص في نهايات الحوار من بضعة أمتار من عمامة البروتوكول، وعباءة المراسمية العالية التي كان يرتديها في بداية الحوار.
ووضح لحسين بعد إجابات الرئيس حول اليسار وعرمان والترابي وحديثه عن مزرعته وراتبه بل بعد أن أكد الرئيس عملياً أنه يعرف تماماً ماذا يقال عنه وعن أدبيات الإنقاذ وعن الذين معه وماذا يحدث في البلاد.. وضح لنا ولحسين خوجلي أن البشير على استعداد للاستماع إلى أي سؤال وتقديم إجابته لكن حسين خوجلي الذي كان حريصاً منذ البداية على القول بأنه سيطرح أسئلة تعبر عن صوت المواطن وأبلغنا في مبتدر الحلقة بأنه لم يتلق أية توجيهات بخصوص محاور النقاش..
هذا الحسين الفصيح لم يكن صعباً عليه أن يطرح ويناقش محوراً هو الأبرز في الساحة العامة هذه الأيام يتعلق بقضية تشغل اهتمام الجميع هي قضية إضراب الأطباء.
لماذا تجاوز حسين خوجلي هذا المحور المهم الذي كان من الممكن أن تسهم إجابة السيد الرئيس وإفصاحه عن رؤيته لهذا الملف في بث الأمل في إصلاح حال القطاع الصحي بشكل عام؟.
هذه ليست قضية يحتمل تجاوزها.. وليس مغفوراً لأستاذنا حسين خوجلي عدم طرحها بأية طريقة أو أسلوب يراه هو.. لكن المهم أن يطرحها ونستمع لرأي السيد رئيس الجمهورية فيها.. نسمع منه ولو كلمات ترفع من معنويات الأطباء.. وتخفف من القلق العام.
فالبشير معروف بوضوحه ومباشرته وواقعية خطابه حول هذا النوع من القضايا.. والمواطن والمتابع لملف الصحة كان يحتفظ بكوم من الاستفهامات حول موقف الحكومة وموقف السيد الرئيس شخصياً الذي كان في وقت سابق قد أشاد بوزير الصحة بولاية الخرطوم.. ثم فاحت رائحة الشبهات والتجاوزات المرتبطة بهذا الوزير وملأت الصحف والأسافير.. وكذلك بقية قضايا القطاع الصحي وأزماته التي كان من المهم أن تجد مساحة متقدمة في ترتيب محاور الحوار.. لكنها غابت تماماً عن حوار حسين وتركت ما تركت من الريبة والأسف والاستعجاب.

اليوم التالي