مسجد الشهيد.. سيدي الرئيس!
حزنت والله أن أرى مسجد الشهيد بموقعه المتميز بهذه الصورة المزرية.. تردٍّ في مرافقه ومرفقاته وضعف في تكييفه جعله أشبه بالفرن، في وقت يرتجف المصلون من شدة البرد أو يكادون في كثير من المساجد الطرفية داخل الخرطوم وخارجها.
شاهدت ما أوجعني حين أتيت لتهنئة الأستاذين/ محمد الشيخ مدني وحسن عثمان رزق بمناسبة زواج ابن الأول من ابنة الثاني وكذلك زواج ابنة العميد/ صلاح كرار قبل ذلك فدهشت لامتلاء المسجد بقارورات المياه الفارغة وبفضلات الطعام مع تكييف ضعيف وتردٍّ في الخدمات مريع بالرغم من أن الله تعالى أمر المؤمنين بأن يزينوا المساجد بملابسهم حين يدخلون بيوت الله تعالى وهل أعظم من بيوت الله يستحق أن يجمل ويعظم؟!
ذات الشيء أو قريب منه يحدث لمسجد النيلين بموقعه المتفرد .
لا أدري هل لهذين المسجدين لجان تشرف عليهما أم أنهما يفتقران لذلك؟!.
لماذا يا مكاوي؟!
قابلت مهندساً من أصهارنا الجدد العاملين في سودانير وسألته عن مديرهم السابق عبد المحمود سليمان فقال والحسرة تملأ قلبه إنه خرج مستقيلاً فقلت له وهل يغادر أمثال عبد المحمود مواقعهم إلا بالاستقالة راكلين سلطةً يتعارك الناس على لعاعتها؟!
بعدها استعرضنا سيرة باذخة لعبد المحمود الذي تعرفت عليه لأول مرة في السنوات الأولى من ثمانينيات القرن الماضي خلال فترة اغترابنا الطويل في أبوظبي التي تميزت بالبذل والعطاء المصحوب بتجرد قل نظيره وعندما قال محدثي إن عبد المحمود كان يرد (دولارات) أسفاره الخارجية ضحكت وقلت إن هذا أقل وأتفه من أن يُذكر في سِفْر الرجل الكبير ولا يعدو أن يكون قطرةً في بحر فضائل الرجل وسيرته المكتنزة بالكفاءة والزهد والاستقامة التي قل نظيرها في بلادنا التي تعج بكل منخنقة وموقوذة ومتردية ونطيحة.
شغل عبد المحمود، قبل منصب مدير سودانير مباشرة، منصب مدير بنك الإدخار وقبل ذلك نائب الرئيس التنفيذي لشركة النيل الكبرى للبترول وقبلها عمل مديراً عاماً أو نائب مدير لعدد من البنوك.
عبد المحمود تخرج في جامعة الخرطوم (إدارة أعمال) ثم ابتُعِث لبريطانيا، حيث نال الماجستر في نفس المجال ثم جاءنا في أبوظبي متعاقداً في وظيفة إدارية قيادية في شركة (البندق للبترول) التي تعمل في حقل نفط تتقاسمه أبوظبي وقطر .
منذ قدومه إلى أبوظبي شغل معنا مواقع تنظيمية قيادية تمتع خلالها بنظر ثاقب وعطاء متدفق وحماس وتجرد وبذل، ولا غَرْو أن يلفت النظر ليتولى مناصب إدارية قيادية بعد استدعائه للسودان فقد كان معروفاً لدكتور عوض الجاز وغيره من القيادات التي كانت تزورنا في الخليج من حين لآخر .
عبد المحمود الذي لم يتخلف، مذ عرفته، عن شد الرحال لصلاة الفجر في المسجد راجلاً وراكباً مهما تباعدت المسافة، ظل يعمل في صمت عجيب، بعيداً عن الأضواء التي لا يعشقها أمثاله، وكان كلما استقال من وظيفة يلوذ بقريته في فداسي وما أن يعلم الباحثون عن الكفاءة من معارفه باستقالته حتى يطاردوه ليعود لمنصب جديد ولكن سرعان ما يزهد فيه فور تنصُّل القائمين على الأمر عن تعهداتهم التي يبذلونها له.
لا أشك أن ذلك حدث بالنسبة لسودانير التي أوقن أنها لن تجد أفضل منه كفاءة وخبرة واستقامة وإخلاصاً، ولست أدري ما حدث بالضبط، فوالله لم أتحدث أو أجلس إليه منذ سنوات ولكن يا لها من خسارة أن يترجل الزاهدون ويُوسَّد الأمر إلى المتهافتين الذين لا يعملون إلا لأنفسهم الأمارة.
ما كتبته عن عبد المحمود يصلح لكفاءات كثيرة أُبعِدت من قِبَل أعداء النجاح أو ابتعَدت من تلقاء نفسها ولا أزال أذكر الخبير الدولي د.عبد القادر محمد عبد القادر (المواصفات) ود. إبراهيم حسن الحاج الذي أُبعِد من الأسواق الحرة عن طريق (الحفر) وصراعات مراكز القوى ليحصد من أزاحوه التراب ويندموا على فعلتهم النكراء بعد أن رأوا ما أحدثه خلَفُه.
صحيفة الصيحة