صلاح الدين عووضة

الظل !!!


*فقد وظيفته بخطاب إحالة إلى (الصالح العام)..

*بحث عن عمل آخر – وهو في حالة نفسية سيئة – إلى أن فقد كثيراً من صحته..

*صاحب البقالة التي يتعامل معه بنظام (الجرورة) كان يواسيه بعبارات رقيقة..

*ثم يطلب منه أخذ ما يريد إلى أن تُفرج..

*بعد فترة – وهي لم تُفرج بعد – لاحظ تغيراً في تعامل صاحب البقالة تجاهه..

*صحيح هو لم يمنعه شيئاً طلبه ولكن سلامه وكلامه صارا مقتضبين..

*لم يعد يواسيه – كما في السابق – ولا حتى يبتسم في وجهه..

*بعد فترة أخرى حلت التكشيرة محل (عدم التبسم)..

*ثم جاء يوم اعتذر له عن تجميد (كراسته) جراء ديون عليه هو نفسه لتجار الجملة..

*ففقد (مصدر عيشته) هو وزوجته وأولاده..

*بلغ تذمر زوجته هذه مداه عقب مرور شهر على انقطاع (الشُكك)..

*فيوم يجود عليه بعض زملاء عمله السابق بشيء ، وأيام لا يجودون..

*وكذلك الأمر بالنسبة لأصدقائه الذي أخذوا يتناقصون سريعا..

*ثم فقد زوجته وأبناءه حين رجع عصر يوم – بخفي حنين – فلم يجد أثراً لهم في البيت..

*وحان الأوان الذي فقد فيه كل أصحابه وزملائه ورفاق دربه..

*وعندما كان يسير صباح يوم – على غير هدى – لاحظ شيئاً غريباً..

*فهو ليس له ظل يتبعه رغم الشمس السافرة في كبد السماء..

*وتلفت نحو السائرين من حوله فشاهد ظلاً ممدوداً وراء كلٍّ منهم..

*تملكه رعب لم يشعر به طوال حياته…

*جالت بخاطره أفلام الرعب الأجنبية كافة التي تحكي عن مسوخ لا ظل لها..

*هم بأن يسأل المارة هؤلاء إن كانوا يرون ظله إلا أنه تراجع في آخر لحظة..

*فقد خشي أن يُتهم بالجنون من تلقائهم …

*حين رأى رجلاً يهيم لوحده – وعلى وجهه علامات الفرح – لملم أطراف شجاعته واتجه نحوه ..

*وما أن فرغ من شرح حكاية ظله له حتى انفجر الرجل ضاحكاً وهو يقول (يا عم أحمد ربنا أنه خلصك من همه)..

*وما درى أن الرجل السعيد ذاك كان من (أهل الكيف) الهاربين عن دنيا الواقع..

*لم ينم ليلته تلك في انتظار الصباح ليرى إن كان ظله قد عاد إليه أم غادر بلا رجعة..

*توجه صباحاً إلى (كشك) الجرائد دون ظل…

*هناك سمع حديثاً غريباً يتداوله المتجمعون حول المكتبة..

*قيل أن(ظلاً) شوهد ضحى البارحة فوق حافة الجسر..

*كان ظلاً بلا (رجل !!!).

صحيفة الصيحة