زهير السراج

وزير المعادن والاوهام !!


* لا شك أن السفير السعودى بالخرطوم خرج مذهولا يضرب كفاً بكف بعد لقائه بوزير المعادن السودانى محمد صادق الكارورى، واستماعه لمشروعه الخيالى لاستغلال ثروات البحر الاحمر لمصلحة شعبى البلدين، والذى أطلق عليه الوزير اسم (اطلانتس 2) ــ ربما تيمنا بالقارة الاسطورية الخرافية الغارقة (أطلانتس) التى لم يُعثر لها على أثر حتى الآن إلا فى خيال البعض، كـ(أطلانتس 2) التى لن ترى النور الا فى خيال الوزير !!

* ويبدو ان السيد الوزير الذى ظل يخرج على الشعب السودانى كل حين بمشروع خرافى وأرقام فلكية عن كنوز السودان، بقصد رفع معنوياتنا، او ربما السخرية منا، لم يكلف نفسه عبء الاطلاع على الصفحة الخاصة بسفارة المملكة العربية السعودية فى السودان على الموقع الإلكترونى لوزارة الخارجية السعودية، ليعرف ان السفير السعودى فى الخرطوم (فيصل بن حامد معلا) شخص واسع الثقافة والمعرفة والإطلاع ، يتقن اللغتين الإنجليزية والفرنسية، بالإضافة الى إلمامه باللغة الاسبانية، ويحمل درجة جامعية فى الاقتصاد والادارة، وصاحب خبرة عملية طويلة تعود الى 35 سنة الى الوراء، قضاها فى خدمة بلاده فى وزارة الخارجية السعودية والعديد من المحافل الدولية، من بينها المنظمة العالمية للثقافة والعلوم (اليونسكو)، وهى خبرة تجعل منه شخصا واسع المعرفة والثقافة والإطلاع، يصعب اغراقه فى الاوهام والاحلام، كما يفعل الوزير مع بسطاء الناس!!

* وكانت وكالة الأنباء السودانية (سونا) قد خرجت علينا بخبر طويل قبل يومين، قالت فيه ان الوزير دعا الى تضامن الدول العربية والاسلامية، مشيرا الى لقائه بالسفير السعودى، ومبشرا بمشروع (اطلانتس 2 ) الذى لم يحمل الخبر أية معلومات عنه !!

* وفى الثلاثين من سبتمبر الماضى، كشف معالى الوزير ان الصين ابدت استعدادها التام للاستثمار فى قطاع المعادن بالبلاد، وأشار إلى أن أربعة من كبريات الشركات الصينية ستدخل في إنتاج الذهب السوداني، وكان ذلك عقب لقائه بوزير الارض والموارد الصينى (جيانغ دا مينغ) بمدينة (تيانجين الصينية)ـ حسب صحيفتنا الصادرة بنفس التاريخ!!

* قبل ذلك التاريخ بست وعشرين يوما فقط (الرابع من سبتمبر)، أعلن الوزير أن وزارته إكتشفت (كيف؟ الله أعلم) كميات ضخمة من الحديد فى السودان تصل الى 52 بليون طن ــ أى أكثر من كمية الحديد الخام الذى يوجد فى استراليا وروسيا مجتمعتين اللتين يوجد فيهما اكبر احتياطى للحديد الخام فى العالم (25 بليون طن بكل منهما)!!

* وجاء فى النبأ الذى بثته الوكالة بنفس التاريخ، أن دراسة أجرتها وزارة المعادن، كشفت، عدم وجود صناعة للحديد فى السودان ــ حسب الوزير ــ وإنما مجرد تدوير للحديد الخردة وإعادة تصنيعه وقطعه، وحتى لا نظلم سيادته فلربما كان يقصد بالـ(52 بليون طن حديد)، كمية الحديد الخردة بالسودان .. خاصة أن كل مشروعات السودان وبنيته التحتية تحولت الى خردة فى العشرين سنة الماضية !!

* القصة لم تنتهِ بعد .. ففى السابع عشر من شهر ابريل السابق، كشف الوزير فى ندوة عن (تطبيق قانون الثروة المعدنية والتعدين) عن وجود كميات ضخمة من المعادن فى السودان، من بينها معدن اليورانيوم (وكالة الانباء السودانية، 17 ابريل 2016)!!

* وكلكم بالطبع تعرفون قصة اتفاق الوزير مع شركة سيبيريان (الروسية) والترويج الاعلامى الضخم عن احتياطى الذهب فى السودان الذى يفوق احتياطى العالم، ثم اتضح فيما بعد أن الشركة ليست روسية، وان الاحتياطى الضخم لا يوجد الا فى خيال الوزير، وها نحن الان نخرج ببركات خيال الوزير من جوف الارض لنركب امواج البحر، فإلى متى نظل اسرى لهذا الخيال، الذى بدا يتسع ليشمل السفارات والبحار والمحيطات والاساطير التاريخية!!

مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة