تحقيقات وتقارير

إتحاد العمال .. التلويح بعصا الإضراب


قضية الأجور من أكبر الهموم التي تؤرق المواطن، حيث وجد نفسه بين مطرقة محدودية الدخل وسندان الأسعار المرتفعة، والشاهد أنه وحتى السبعينيات من القرن الماضي لم تعرف الأجور بالبلاد فكرة الزيادة، وذلك لأن الأسعار كانت في ثبات نسبي، وبالرغم من أن الزيادة في الأجور تعتبر إجراءً إسعافياً وليس حلاً جذرياً لسد الفجوة بين الدخل ومتطلبات الحياة الأساسية، الإ أنها شر لابد منه من وجهة نظر المجلس الأعلى للأجور، الذي أقر بذلك خلال ندوة (مفارقات الأجور وتكلفة المعيشة في السودان) أمس، المجلس قدر جملة تكاليف مصروفات الأسرة المتوسطة والمكونة من (5) أشخاص بـ(4123) جنية منها (2046) تذهب للمأكل والمتبقى يتم توزيعه على التعليم والصحة وغيرها، ومن هنا يظهر حجم الهوة بين الدخل والمصروفات، أي أن الأجور تغطي (16%) من تكاليف المعيشة.

*زيادة (2017)
ويرى رئيس المجلس الأعلى للاجور عبد الرحمن يوسف حيدوب أن الأزمة متجذرة والمفارقات في الأجور والتكاليف ماهي إلا نتيجة لتراكمها في كل الحكومات السابقة، وقال خلال الندوة (يجب ألا نلوم الإنقاذ على هذا الأمر)، وفي ذات الوقت جسد حيدوب المشكلة في عدم مقدرة الحكومة على تطبيق الزيادات التي يقرها المجلس، مشككاً في مقدرة وزراة المالية على تطبيقها للعام 2017 وقال (هم أريتم يزيدوها)، وأقر بعدم معرفة المجلس بتفاصيل الزيادة التي ستحددها المالية للأجور العام المقبل، وطالب حيدوب بإزالة المفارقات بين الأجور وتكاليف المعيشة، وتقويم وترتيب الوظائف، معتبراً الأخير أحد الحلول الحديثة التي يتبعها العالم للحد من أزمة الأجور، بجانب عدم خلق بدلات جديدة في بعض الأجور، تحقيقاً لمبدأ العدالة، وقال:(هسي في بدلات جديدة بدت تظهر).

*التوافق أو الإضراب
فيما لوح الإتحاد العام لعمال السودان بعصا الإضرابات حال لم تحل قضية الأجور بما انها حق يكفله لهم الدستور، وقال الأمين العام للاتحاد يوسف عبد الكريم نحن دائماً ما نمضي في مسارين الأول التوافق والثاني هو الإضرابات وهو حق موجود بالدستور، مستشهداً بنجاح تجارب سابقة وإعتراف الحكومات بهزيمتهم أمام عصا الإضراب، خاصة أن وعود الحكومة توالت عبر عشرات السنين لحل الأزمة، ولكنها مازالت قائمة، وقال إن الموظف أصبح يأتي إلى العمل مهموماً بتغطية التكاليف، و طرح عبد الكريم حزمة من الحلول ، فكان أولها مطالبته الحكومة بتطبيق زيادة الأجور من عجز الميزانية، طالما أن هناك بنود تمول من العجز، معتبراً أن ذلك سيصب في جانب الإنتاج، كما طالب بتثبيت أسعار السلع التي تتحكم في أسعارها الحكومة ومنها (الكهرباء، الغاز، الجازولين، البنزين) بإعتبارها من أهم أسباب إرتفاع الأسعار، و في الوقت ذاته أكد مقدرة الاتحاد على كبح جماح أسعار السلع الأخرى من خلال التعاونيات والاتحادات مستصحبا تجربة سلع رمضان وخراف الأضاحي.
وانتقد رئيس الاتحاد عدم استقرار السياسات الاقتصادية التي تطبقها الدولة والتي أدت إلى التضخم، ومثل لها بقوله: ( الحكومة مرة تشتري الذهب و مرة ما تشتري) بالرغم من أن الكميات منه التي تصل الخرطوم تقدر بـ(100) كيلو يومياً، و لكن الدولة لا تشتري إلا ( 10%) من إجمالي الإنتاج مع أنه أحد الموارد الاقتصادية الهامة .

*حلول حقيقية
الخبراء والأكاديميين مضوا في إتجاه آخر، حيث يرى ممثل الجامعات والمعاهد بالندوة حسن محمد بشير أن قرارات الزيادة ليست إلا قرارات سياسية، بينما الأزمة يكمن حلها في الحلول اقتصادية تهدف إلى إزاله التشوهات التي أصابته، والتي تعني ايجاد التوازن بين الدخل الحقيقي ( التكاليف) و الدخل النقدي (الأجر)، و إعتبر بشير أن الأمر يحتاج إلى سياسات لخفض الأسعار، وأهمها تقليص الإنفاق الحكومي وخفض الضرائب، زيادة الإنتاج، مؤكداً أن السياسات آنفة الذكر ستسد الفجوة دون الحاجة إلى زيادة الأجور التي ستفضي بمرور الوقت إلى ارتفاع الأسعار.

تقرير:اسماء سليمان
صحيفة آخر لحظة