صلاح الدين عووضة

بالمقلوب أحلى!!


*فرقة اسكتلندية أنتجت أسطوانة جديدة..

*وبعد تسويقها انتبه قائدها إلى خطأ فادح بها..

*فقد كانت أغنية موسيقى (القرب) مسجلة بالمقلوب..

*فأسرع إلى شركة التوزيع من أجل تلافي الفضيحة ما أمكن..

*ولكنه فوجئ بأن الأسطوانة غزت السوق..

*وبيع منها في اليوم الأول وحده نحو مليون نسخة داخل بريطانيا..

*فكان رد مدير الشركة (دعوها، الناس تريدها هكذا)..

*وأتخيله يتبسم ويضيف قائلاً (المقلوب في نظرهم أحلى)..

*والمقلوب هذا عندنا منه كثير هنا في بلادنا..

*فالفتاة تشاهد الكحلاوي يتغنى برائعته (شقي ومجنون) على الشاشة..

*فتقف مشدوهة تبحلق في الشاشة باستغراب..

*ثم تصيح (هي شوفوا الراجل الكبير ده بيغني لنانسي عجاج)..

*وقبل أيام أرى صورة لخرطوم السبعينيات..

*وبجوارها صورتان لعاصمتين عربيتين تبدوان في منتهى البؤس..

*أما الخرطوم فكانت بينهما كعروس ليلة زفافها..

*ثم صورة أخرى للخرطوم – والعاصمتين- في الألفية الثالثة..

*فبدت عروس الأمس مثل شمطاء بين حسناوين..

*وتسير أمورنا – سريعاً- بالمقلوب..

*ومدارس زمان كانت مناهجها قوية وتخلو من (تحرش الأساتذة)..

*وبدلاً من أن يدفع الطالب كان يُدفع له..

*فهو يُسلم كتباً وكراسات وأدوات ومعينات ثم (يُطعم)..

*أما مدارس الآن فصار كل شيء فيها بالفلوس..

*بل الشهادات نفسها صارت بالفلوس، من الثانوي وحتى الدكتوراه..

*وبعد كل هذه الفلوس الشهادات غير معترف بها..

*وتدحرجت جامعة الخرطوم إلى خارج تصنيف قائمة الألف عالمياً..

*وشهاداتنا العليا يُفعل بها مثل الذي كنا نفعله في اللبن..

*فقد كنا (نموصه)- تحت إشراف أساتذة طابور الصباح- ثم (نشربه)..

* وتسير أمورنا بالمقلوب كأسطوانة (القرب)..

*وقبل نحو ثمانين عاماً- وأكثر- أشاد إدوارد عطية بقطاراتنا وبواخرنا..

*قال إنها الأجمل التي رآها في حياته..

*سواء من حيث المظهر أو النظافة أو الخدمة أو أناقة العاملين فيها..

*والآن نحن لا سكة حديد عندنا، ولا نقل نهري..

*وسفريات شمسنا المشرقة غربت شمسها فلا نملك ولا طائرة واحدة..

*وبعنا آخر سفينة بأسطولنا البحري قبل فترة..

*وبالمقلوب نهرول بأسرع من باخرتنا (الثريا) التي باتت تحت (الثرى)..

*والمسؤول بالأمس كان راتبه يكفيه و(زيادة)..

*وكذلك أغلب العاملين في الدولة- كبيرهم وصغيرهم- كانوا (مستورين)..

*اليوم يجأر اتحاد العمال (الحكومي) بالشكوى..

*ويقول إن أجر العامل لا (يغطي) سوى حوالي (20%) من احتياجاته..

*أما كبار المسؤولين فقد (تغطى) بعضهم بمال التجارة..

*ولجأوا إلى (الاستثمار) في ظاهرة دخيلة على بلادنا ويحرمها الدستور..

*ثم يرونه حلواً (كل المقلوب هذا!!!).

صحيفة الصيحة